|
السؤال :
سؤالي:1- قاعد الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة ،
ما علاقتها بمقاصد الشريعة ؟2- هل هناك قواعد متفرعة عن هذه القاعدة ؟ وجزاك
الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه .. أما بعد ..
فأولاً : هذه القاعدة من القواعد الفقهية التي نصّ عليها عدد من أهل العلم ،
منهم الزركشي والسيوطي وابن نجيم ؛ فقالوا : ( الولاية الخاصة أقوى من الولاية
العامة ) ؛ وذلك ، لقوة العلاقة بين الولي الخاص وما تحت ولايته بقوة المقتضي
لخصوصية الولاية ؛ ومن ثم فتزويج الأب لابنته بحكم ولايته عليها ، أقوى من ذي
الولاية العامة في تزويجها ؛ فلا عبرة بمرتبة الولاية العامة حينئذ ، وإنما
العبرة بالولاية التي جاءت خاصة من جهة الشرع ، بالدليل ، كولاية الأب على
ابنته ، أو بالتنصيب كولاية الناظر على الوقف أو الوصي على اليتيم . وفي هذا
مراعاة لمصلحة المُولّى عليه من نفس أو مال ؛ فالأب في المثال المذكور أكثر
حرصا وحنواً على ابنته من ذي الولاية العامة في العادة .
ولكنْ إذا قصّر صاحب الولاية الخاصة في ولايته ، في عضل أو إفساد مال أو ضياع
مصلحة أو استغلال وقف في غير ما وقف عليه ، ونحو ذلك ؛ فإنَّ لصاحب الولاية
العامّة أن يتدخل في الحفاظ على المصالح ؛ لأنه له ولايته العامة تشمل الإشراف
على تحقيق مقاصد سائر الولايات .
وعلاقتها بمقاصد الشريعة ظاهرة ، فهي من قواعد السياسة الشرعية في تدبير الأمور
بالولاية ، والحفاظ على المصالح الموجودة و المنتظرة من هذه الولاية ، سواء
كانت من باب الضروريات أو الحاجيات أو ما دونها . وفي هذا يقول العلامة عز
الدين عبد العزيز بن عبد السلام في كتابه : قواعد الأحكام في مصالح الأنام : "
الولايات وسيلة إلى جلب المصالح للمولّى عليه ، ودرء المفاسد عنه " (2/86) ،
وذكر كلاماً حسنا في ذلك ، يحسن الرجوع إليه .
وهذا مما هو مقرر في علم الإدارة الحديث ، ضمن ما يعرف بقاعدة توزيع الصلاحيات
والمسؤوليات والتدرج في ذلك ؛ فليس للموظف الأعلى أن يتولى أعمال مرؤوسيه دون
قصور منهم ، فلا يوقِّع المدير الأعلى على أمر من اختصاص مدير تحت إدارته ، ما
لم يتمنّع أو يتغيّب فيباشر أعماله ، حتى لا تتعطل الأعمال أو تستغل الولاية في
غير ما وجدت له ، ويُنظّم ذلك عادة في التنظيمات الإدارية . وقد أشار إلى ذلك
أ.د.محمد عثمان شبير _حفظه الله_ في كتابه (القواعد الكلية والضوابط الفقهية) .
وثانياً : نعم ، هناك قواعد تتفرع عن هذه القاعدة ، منها : ليس للحاكم حق
التصرف في الوقف ، حتى لو كان الناظر الخاص معيَّناً من قِبَل الحاكم . ومنها :
" ليس للحاكم أن يولي ، ولا يتصرف في الوقف بدون أمر الناظر الشرعي الخاص ، إلا
أن يكون الناظر الشرعي قد تعدى فيما يفعله ، وللحاكم أن يعترض عليه إذا خرج عما
يجب عليه " . ومنها : الولي الخاص له استيفاء القصاص , والعفو على الدية مجانا
, وليس للإمام العفو مجاناً . ومنها : ليس للإمام أن يخرج شيئا من يد أحدٍ إلا
بحق ثابت معروف .
وهذه أمثلة ، فيتفرع عنها كل ما يبنى عليها من حكم كلي مجرد ، فإنه تقعيد ، وإن
كان في صورة تفريع فقهي في الظاهر ؛ على ما حققه شيخنا د. يعقوب الباحسين _حفظه
الله_ .
هذا ، والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .