|
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدلله الفعال لما يريد القوي العزيز والصلاة والسلام على أصدق الناس للناس
محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد
فحياتنا اليوم كبحر تلاطمت أمواجه ؛ ما إن تعلو موجة حتى تسقطها موجة أخرى ومع
حركة الأمواج الدائمة نبحث جميعاً عن مبررات لإخفاقنا عندما نخفق ؛ لا نريد أن
نكون سبب في إخفاق أنفسنا ، مع أن الواقع يقول أن النسبة الأكبر في كل إخفاق
يتحملها المُخفق نفسه ....
لا أنكر أن بعض الإخفاقات ليس للمُخفق سبب فيها البتة .
وكذلك لا يغب عن أذهاننا أن بعض الإخفاقات هي وقود لنجاحات أكبر قادمة
ولو انتهت أول محاولة بالنجاح الأصغر لما حققنا نجاحات أكبر وأسمى .
وأيضاً فالدنيا ليست نهاية المطاف فكم من إخفاق عاد عليك في الآخرة بالأجور
العظيمة .
لكن عمليا ما علاج الإخفاق ؟
لا علاج للإخفاق كتكرار المحاولة والاستمرار في طلب ما تطلب .
ثم الاستعانة بالدعاء فهو من أكبر أسباب تجاوز الإخفاقات .
ومن الأمور المهمة أن نعلم أن هناك نجاحات وإنجازات لسنا أهلا ً لنيلها في وقت
ما ولو نلناها لكانت باب شر وسوء علينا .
وكم إخفاق فتح باب دعاء ومناجاة ؛ ولو تحقق النجاح مباشرة لكان ذلك قاطعا للعبد
عن حلاوة الدعاء ولذة المناجاة وإنكسار النفس بين يدي الله .
وبيت القصيد في هذا المقال عندما تخفق فأغلق باب نظرية المؤامرة فمن أنا وأنت
حتى نشغل تفكير العالم ونجعلهم يتركون البحث عن نجاحهم ويتفرغون للبحث عن
إخفاقنا وفشلنا .
فإن أبيت وجمعت الأدلة واستعنت بالقرائن وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك وظهر
جليا
كالشمس في وسط النهار أن إخفاقك بسبب مؤامرة ؛ فنم قرير العين فقد كفاك الله
ذلك وبشرك بالسلامة وتوعد أهل المكر السيء فقال تعالى : ( ولا يحيق المكرء
السيء إلا بأهله ) .
وقال تعالى :( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ).
لسنا أول أناس يعيشون على هذا الكوكب ولست أول من يُمكر به ، ولست آخر من سيرى
نصر الله وتمكينه !
قتل الملك الساحر والوزير والغلام حتى لا يؤمن الناس ؛ فلما حضروا قتل الغلام
رددوا بصوت وأحد ( آمنا برب الغلام ) ,ثم ماذا ( إن الذين فتنوا المؤمنين
والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ).
مُكر بإبراهيم الخليل عليه السلام وجُمع الشهود وأُدين في قضية آلهتهم وأوقدوا
ناراً عظيمة ؛ ثم ماذا :(قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ).
وقتل فرعون أطفال مصر من أجل موسى
عليه السلام ثم ماذا ؟
ربى موسى في بيته وأمام عينيه .
مُكر بيوسف عليه السلام ثم قيل له :(ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر ).ونسوا كم
تجرع هو بسببهم من ضر !
ومُكر بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم قيل له ( أخ عزيز وابن أخ عزيز ).
ليس الكل يتمنى نجاحك ويسعد بذلك
ولكن كن كما قال الفاروق المُلهم ( لست بالخب ولا الخب يخدعني ).
لا يحملك مكرهم على اللعب بنفس أوراقهم
فحاشاك أن تكون مثلهم ؛ هم يعرفون حسابات الأرض وأنت اعتمد على حسابات السماء ،
وتذكر أن الله ( فعال لما يريد).
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين .
مصلح بن زويد العتيبي
ليلة غرة ربيع الأول من عام ١٤٣٥هـ