السلام عليكم،، مشكلتي و باختصار أنني عندما كنت في سن المراهقة (13-16) كنت
ارتكب أشياء محرمه وضيعه. حيث كنت أتحرش جنسيا بابنة أخي و أختي عندما كنً
أطفال (8- 12 سنه) والحمد لله أن لم يكون هناك اغتصاب. أنا الآن و الحمد لله
على طريق الهداية و الاستقامة وعمري 29 سنه. و لا أدري كيف اعتذر منهن ولا أدري
هل يسامحوني أم لا. و هل تنصحني أن اذهب للاعتذار رغم أنهن لم يتطرقوا إلى
المشكلة وعلاقتهم معي طبيعية جدا. بماذا تنصحني جزاك الله خيرا فأخوك خائف من
ألقى الله و لم يسامحونني ؟ .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على إمام المرسلين نبينا محمد بن عبد
الله صلى الله عليه وآله سلم ، و بعد :
قال تعالى في كتابه العزيز : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ
يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ
يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً ) ( النساء : 17 ) .
و أنت يا أخي قد ارتكبت هذا السوء بجهالة على ما يبدو ، و قد هداك الله تعالى
للتوبة قبل فوات الأوان .
و نصيحتي لك يا أخي بأن لا تعلم أحد بما كان حصل - و خصوصا ً أن الله تعالى قد
سترك - بل يكفيك التوبة الصادقة النصوحة ، و بيان لمن يسألك - في حال السؤال
فقط - من الذين تحرشت بهم أن الأمر كان خطأ عظيماً و أنك قد تبت إلى الله تعالى
و أنك نادم أشد الندم على ما حصل منك في فترة تلك الفترة .
كما أتمنى عليك أن تعوض من تحرشت به بأن تكون قدوة صالحة له بأن تأمر بالمعروف
و النهي عن المنكر و تحرص حرصا شديداً على تعلم العلم الشرعي و حفظ القرآن و
السنة النبوية الشريفة .
قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو
عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (الشورى:25) .
كما أنصحك أخيراً بكثرة الاستغفار و الندم على ما فعلت.
و قد ورد في صحيح السنة : ( أن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا ، ثم عرضت له التوبة
، فسأل عن أعلم أهل الأرض ؟ فدل على رجل ( و في رواية : راهب ، فأتاه ، فقال :
إني قتلت تسعة وتسعين نفسا ، فهل لي من توبة ؟ قال : بعد قتل تسعة وتسعين نفسا
؟ ! قال : فانتضى سيفه فقتله به ، فأكمل به مائة ، ثم عرضت له التوبة ، فسأل عن
أعلم أهل الأرض ؟ فدل على رجل ( عالم ) ، فأتاه فقال: إني قتلت مائة نفس فهل لي
من توبة ؟ فقال: ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ! اخرج من القرية الخبيثة التي
أنت فيها إلى القرية الصالحة قرية كذا وكذا ، ( فإن بها أناسا يعبدون الله ) ،
فاعبد ربك ( معهم ) فيها ، ( ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ) ، قال: فخرج
إلى القرية الصالحة ، فعرض له أجله في ( بعض ) الطريق ، ( فناء بصدره نحوها ) ،
قال: فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، قال: فقال إبليس: أنا أولى به
؛ إنه لم يعصني ساعة قط ! قال: فقالت ملائكة الرحمة : إنه خرج تائبا ( مقبلا
بقلبه إلى الله ، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط ) _ فبعث الله عز
وجل ملكا ( في صورة آدمي ) فاختصموا إليه _ قال: فقال: انظروا أي القريتين كان
أقرب إليه فألحقوه بأهلها ، ( فأوحى الله إلى هذه أن تقربي ، وأوحى إلى هذه أن
تباعدي ) ، ( فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ( بشبر ) ، فقبضته ملائكة
الرحمة ) ( فغفر له ) قال: الحسن: لما عرف الموت احتفز بنفسه ( وفي رواية: ناء
بصدره ) فقرب الله عز وجل منه القرية الصالحة ، وباعد منه القرية الخبيثة ،
فألحقوه بأهل القرية الصالحة ) 2640 ( سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني)
.
و الجدير بالذكر في هذا المقام بيان أقوال أهل العلم في شروط التوبة :
قال عبد الله بن المبارك - عليه رحمة الله تعالى - في بيان شروط التوبة : (
الندم و العزم على عدم العود و رد المظلمة ) فتح الباري ، ج11/103.
و قال المناوي :( شروط التوبة : الإيمان الكامل و العمل الصالح ثم سلوك سبيل
المهتدين من مراقبة الله و شهوده و إدامة الذكر و الإقبال على الله بقاله و
حاله و دعائه و إخلاصه ) فيض القدري ، ج4/169.
( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ
لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8) .
و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم