أنا شابة في عشرينات من عمري و مشكلتي
أن والدي تطلقا منذ عدة سنوات ، فعشت مع والدي و إخوتي ، و الآن تريد والدتي أن
ترفع قضية حضانة لكي نعيش معها ، و أنا لا أريد أن أقف أمام والدي في المحكمة ،
فما الحل ؟
أقول مستعيناً بالله تعالى :
الحل عندي و الله أعلم يتبين بالنقاط التالية :
أولاً : عليك الاستعانة بالله تعالى :
فاشكي أمرك لله القادرعلى أن يصلح لك شأنك كله بطرفة عين أو أقل من ذلك .
قال تعالى في كتابه العزيز : ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ
وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) ( البقرة:45 ) .
ثانياً : التحلي بالصبر و الدعاء :
قال جل جلاله مبيناً أهمية الصبر و الدعاء لتخطي الأزمات التي قد نمر بها في
حياتنا ، و كأن الأمر عبارة عن مسألة حسابية على النحو التالي : إيمان + صبر +
دعاء = فلاح بفضل الله تعالى .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ
وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ( البقرة:153) .
و عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أقرب ما يكون
العبد من ربه و هو ساجد ، فأكثروا الدعاء .
وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدعاء لا يرد بين الأذان
و الإقامة .[1]
فتوكلي على الله حق التوكل ، و سيكون الله تعالى معك - إن شاء - و سيخرجك من
هذه الأزمة العاصفة إذا كنت من الصابرات الصادقات القانتات المستغفرات بالأسحار
.
قال تعالى : ( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ
وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ) (آل عمران:17)
عن عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم أردفه خلفه ، فقال : يا فتى
ألا أهب لك ، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده
أمامك ، و إذا سألت فاسأل الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله ، و اعلم أنه
قد جف القلم بما هو كائن . و اعلم بأن الخلائق لو أرادوك بشيء لم يردك الله به
لم يقدروا عليه و اعلم أن النصر مع الصبر و أن الفرج مع الكرب و أن مع العسر
يسرا .[2]
ثالثاً : الاستعانة بأهل العلم والصلاح
:
الاستعانة بأحد من أفراد العائلة الكريمة ، على أن يكون من أهل الخير و الصلاح
لإصلاح ذات البين . و حل هذه المسألة بالتراضي دون الحاجة إلى المحاكم و
أمثالها ، فهذه الحلول بشكل غالب لا تأتي بخير .
قال تعالى :
( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ
اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (لأنفال:46)
و إن لم تجدي ضالتك بأحـد مـن أفراد العائلة ، فاستعيني بأحـد العلماء أو طلاب
العلم الورعين . و احرصي على بيان حبك و ودك لأبويك ، و أنك لا تريدين أن تصل
الخلافات بينهما إلى المحاكم ، و خصوصاً أن الخلاف يمكن أن يحل بشكل ودي دون أن
تخصري أبويك أو أحدهما .
و أخيراً أنقل لك قول ابن قدامة - عليه رحمة الله تعالى - ، ففيه كلام بليغ ،
لربما يضع النقاط على الحروف و تجدي فيه ضالتك :
( و لنا أن الغرض بالحضانة الحظ ، و الحظ للجارية ( أي الفتاة ) بعد السبع في
الكون عند أبيها ، لأنها تحتاج إلى حفظ . و الأب أحق بذلك ، فإن الأم تحتاج إلى
من يحفظها و يصونها ، و لأنها إذا بلغت السبع قاربت الصلاحية للتزويج ، و قد
تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة و هي بنت سبع . و إنما تخطب الجارية
من أبيها لأنه وليها و المالك لتزويجها و هو أعلم بالكفاءة و أقدر على البحث
فينبغي أن يقدم على غيره ... ) . [3]
----------------------------- [1] - رواه أحمد و الترمذي و صححه الشيخ ناصر الدين . [2] - الجامع الصغير ( 315 ) و قال الشيخ ناصر الدين
الألباني : حديث صحيح . [3] - المغني لابن قدامة ، ج 9/ 145.