|
بسم الله الرحمن الرحيم
دع عنك غزة ،
و عليك بالعجة[1]
بينما كنت أتابع مع بعض الصحبة على التلفاز ما تفعله الطائرات الصهيونية
بإخواننا الغزاويين الصامدين المحاصرين من أعدائنا وإخواننا في الدين
والنسب .
قال لي أحدهم ( بحرقة شديدة ) : سوف أتصل بإحدى القنوات الفضائية وأتحدث
عن هذا الصمت العربي القاتل .
لماذا لا تتحرك الدول العربية و جيوشها ، وطائراتها و صواريخها لإنقاذ
أهلنا العزل في غزة .
ثم قال فجأة بخوف ، ووجل : ربما يطلبني بعد هذه المكالمة التنديدية فرع
(999)[2].
فقلت له ساخراً متألماً : ربما تستدعيك كل الأجهزة بما فيها فرع 999 و 888
و 777 و أخواتها و أشباهها.
إذا أردت الاتصال التنعم بالأمن والأمان السلم والسلام ، فتحدث عن العجة و
مكوناتها و فوائدها وأهميتها للفرد العربي للمساهمة في التطور والنصر و
الصمود و التحرير.
يا عزيزي دع عنك غزة وعليك بالعجة ! .
نعم لقد وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة من الخوف الجزع و الخذلان بسبب
سياسات بعض الأنظمة التي خافت وتخاف على نفسها ، ومكوناتها أكثر من أي شيء
ولو كان البلاد و أهله .
فأخافت شعوبها لدرجة أن هذا الخائف لم يعد يستطيع أن يدافع عن نفسه و
حقوقه و آماله وآلامه ، فكيف به سيدافع عن غيرة ولو كان هذا غير شعب محاصر
بلا سلاح ولا مال ولا طعام .
كيف بالخائف و الجائع الذي لا يستطيع أن يفكر إلا بلقمة عيشه و عيش
من يكفلهم من النساء العانسات و الشبان العاطلين عن العمل و
الأطفال العابثين بلا أمل يضحكون ضحكة بلهاء فهم لا يعرفون ماذا ينتظرهم في
المستقبل و حال آبائهم و إخوانهم على هذه الحال من الجري وراء لقمة العيش و
مهما كان الثمن .
كيف سيدافع أمثال هؤلاء عن الأمة والأخطار الداهمة و المحيطة بها و هو لا
يستطيع أن يدافع عن نفسه و عن أدنى حقوقه ، بل حتى لا يعرف ما هي حقوقه أو
حدودها أو ألوانها خوفا و جهلا و تجهيلا .
خوفا من سياط الجلادين و سياط الجوع والفقر .
وجهلا و تجهيلا بالحقوق و الواجبات .
فأقول لأمثال هؤلاء من الخائفين والجائعين و الراكضين وراء اللقمة
واللقمتين والراكضين وراء الوهم والأوهام دع عنك العجة[3] و عليك بالعزة
ففيها الخلاص من العبودية لغير الله تعالى و فيها النجاة من الظلم و الظلام
.
فحيِ على العزة حي إلى العزة حي إلى غزة.
المحامي الدكتور مسلم اليوسف
Abokotaiba@hotmail.com
----------------------------------------
[1] - العجة : أكلة شعبية في بلاد الشام تصنع من البيض و الطحين والبقدونس
. وهي هنا رمز للقمة العيش .
[2] - كناية عن أجهزة القمع في معظم البلاد العربية .
[3] - كناية عن لقمة العيش الرخيصة .