الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على إمامنا و رسولنا محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وآله وسلم وبعد :
عرفت القوانين المنظمة لعمل الموظفين في الدولة المتقاعد بأنه : الذي أنهى
خدمته العملية لانتهاء المدة العمرية المقررة للعمل لبلوغه حد معين من العمر (
ستون عاما عادة ) أو لعمله عددا معدودا من سنين العمل ( ثلاثون سنة عادة ) أو
من تقاعد لأسباب صحية ...إلخ .
فكيف تكون حالة هذا المتقاعد النفسية و المادية و الصحية بعد أن أصبح بهذا
الوضع الجديد ، و كيف يجب أن نتعامل معه ؟.
و كيف يجب أن يتعامل المتقاعد مع وضعه
الجديد ؟
أما بالنسبة لحالة المتقاعد الصحية و
المالية :
فقد بلغ المتقاعد ستين من العمر أو أكثر ( على الأغلب ) وحمل جسده من الأمراض
الجسدية والنفسية الشئ الكثير ( القلب – السكري – الروماتيزم ....... إلخ ) .
مما يعني أن هناك فاتورة يجب أن تدفع بشكل جبري و دوري، و هي ثمن الأدوية و
العلاج .... إلخ .
وعادة يكون راتب المتقاعد قليل جدا – في معظم الدول – لا يتناسب مع وضعه الجديد
و حالته الجديدة فضلا عمن يعول من الزوج و الأولاد .
فما هو الحل بهذه الحالة ؟
الحل المنطقي و السليم أن يتلاءم راتب المتقاعد مع وضعه الجديد أي يجب أن يزيد
عما كان و هو على رأس عمله أو على الأقل إبقاء هذا الراتب على حالته السابقة مع
الاهتمام بالجانب الصحي : أي يجب أن يكون العلاج و الأدوية بالمجان ، أو أن
يكون هناك حسم مقبول من السعر الحقيقي ، وغير ذلك من أشكال الرعاية للمتقاعد و
أسرته .
و لعل من المعضلات الصعبة للمتقاعد :
كيف يستثمر وقته ، ماذا يعمل و أين يذهب
و بماذا يهتم و ينشغل ؟.
يجب أن يعلم المتقاعد أولا أنه يمتلك الكثير و الكثير و يستطيع أن يعطي و يعطي
إلى آخر لحظة من حياته .
بل ربما يستطيع أن يثري المكتبة العربية بمؤلفات و بحوث علمية ينهلها من سنون
خبراته الطويلة .
و كما يستطيع أن يقدم الاستشارات لكثير من المؤسسات والشركات التي تحتاج لأمثال
خبرته و حكمته وهي تبدأ خطواتها الأولى في العمل في مشروع ما ، أو في مشكلة أو
معضلة .
وربما يستطيع المتقاعد أن يسد ثغرات كبيرة و كثيرة في كثير من المؤسسات و
الشركات ، لأنه غالبا لا يطمح إلى المناصب القيادة لذلك فإن باقي الموظفين لن
يخافوا منافسته بل سيتعاونون معه بكل حب و إخلاص .
و يستطيع المتقاعد أن يكثر من عباداته فيجبر تقصيره إن وجد من خلال تلاوة
القرآن و مواظبة دروس أهل العلم و غير ذلك من العبادات و فعل الخيرات .
أم عن تفاعل المتقاعد مع أسرته و محيطه وفق و ضعه الجديد :
بالنسبة لزوجة المتقاعد :
فهي لم تتعود البقاء الدائم لزوجها في المنزل و ربما تدخل في كل صغيرة و كبيرة
وفق ما ترى أو تعتقد .
نحن نقول لها و لأمثالها أن عليها مساعدته و الوقوف معه بأن تكون شريك حقيقي
لمتابعة مسيرة الحياة بكل مراحلها و مواقفها و أمالها و ألامها و لتتذكر قول
الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( لو تعلم المرأة حق زوج لم تقعد ما حضر
غداؤه و عشاؤه حتى يفرغ منه ) .
و قوله صلى الله عليه وسلم :( حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قرحة فلحستها
ما أدت حقه ) .
أما بالنسبة للأولاد :
فيجب عليهم زيادة الاهتمام بوالدهم بأن يكثروا من زيارته و التودد له و السؤال
عنه و عن أحواله و يجب عليهم أن يقدموا له المساعدات المادية و المعنوية بكل
أشكالها و ألوانها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" ثلاث
دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على
ولده "" .
وعن أبي الدرداء سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول الوالد أوسط أبواب الجنة
فأضع ذلك الباب أو احفظه .