ضوابط الاستمتاع
بالزوجة في الصيام
في الفقه الإسلامي المقارن
الدكتور مسلم محمد
جودت اليوسف
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره وسترشده ، و نعوذ بالله من
شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي
له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده
ورسوله .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
و قال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ
مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
وقال جل جلاله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلاً سَدِيداً ( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
(الأحزاب: 70-71) .
فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل ، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم
، شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في
النار .
و بعد :
إن الله سبحانه ، و تعالى رغب بالزواج ، و حث عليه تحصين الفرد ، و المجتمع ، و
للتمتع بالنعم على الوجه المشروع .
قال تعالى :{ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع فإن خفتم لا
تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} سورة النساء الآية3
عن أبي الزبير قال: قال جابر : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا أحدكم
أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في
نفسه } رواه مسلم
بيد أن هذا التمتع لم يترك بدون ضوابط ، وقيود و حدود ، فالشريعة الإسلامية
نظمت كل هذا بدقة متناهية ، فأباحت التمتع بالزوجة بالشكل الذي يرغب به الزوجان
.قال تعالى :{ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } سورة البقرة الآية 223
الشريعة أباحت أوجه الاستمتاع الذي لا يلحق أي ضرر بأي من الزوجين . أما إذا
كان هناك ضررا منعته ، و نظرا لخطورة هذا الموضوع ، و جهل كثير من المسلمين
بأحكامه. رأيت أن يكون موضوع بحثي { حكم و حدود الاستمتاع بالزوجة في الصيام و
ذلك للأسباب التالية:
1- خطورة هذا الموضوع نظرا للآثار المترتبة عليه . مثلا وطء الزوجة في الصيام
إلى فساد الصيام وجوب الكفارة ، و القضاء .
2- جهل كثير من الناس بحدود الاستمتاع بالزوجة في الصيام .
3-افتقار المكتبة العربية ، و الإسلامية لبحث مستقل يشرح هذا الموضوع بمنهج
الفقه المقارن .
4- حاجة الأزواج للتعرف على المباح، و المكروه، و المحرم في علاقتهما الزوجية
نظر لجهل ، و تجهيل كثير من الأزواج في هذا الموضوع.
5- حلول شهر رمضان الكريم .
لهذه الأسباب مجتمعة اخترت هذا الموضوع . بعد أن استخرت الله سبحانه، و تعالى ،
و شاورت كثير من أهل العلم و طلابه .
منهج البحث و طريقة السير فيه :
نظرا لسعة هذا البحث ، و شموله على العديد من الأحكام و القضايا . سوف تحظى بعض
النقاط و المسائل بمعالجات عميقة . بينما نسرد سردا فقط مسألة أخرى
و يمكن تلخيص المنهج الذي سرت عليه –بتوفيق الله - في دراسة هذا الموضوع
بالنقاط التالية :
فبحثت حكم ؛و حدود الاستمتاع بالزوجة في الصيام .فقسمت البحث إلى فصلين الأول
كان في الاستمتاع بالزوجة في الصيام بالوطء إذا كان الواطئ عامدا ؛أو ناسيا؛ أو
مخطأ؛ أو مكرها، و أثر ذلك على الصيام .
أما الفصل الثاني: فكان في الاستمتاع بالزوجة في شهر رمضان بالقبلة ، و
المباشرة ؛و أثر ذلك على الصيام .