اختفى عني فجأة، وغابت أخباره، وجفت آثاره،، فسألت فقالوا سافر فلان للسياحة،
باحثا عن جو خصيب، ونسيم رطيب،،،،،.
قالوا فررتَ (لمصرَ) بالأسحارِ// وتركت ما يُغري من الأسمار!
وهجرتَ أصحابَ الوداد كأنهم// من عالم الضيقاتِ والأشرار!
وهُرِعت في وقت المنام وطبعُنا//ا ن نُستغل بطيبة الأفكارِ!
وزهدتَ في أرض النشوء ولم تكن// من طالبي الرحلات والأسفارِ!
البِركُ والريحان عِفتَ عبيرها// أو ما ذكرتَ الطيبَ في المخضارِ؟!
خبّأتَ تاريخ الخروج وقلتَها// عن موقف متكسّر الأسوارِ
و(الهاشميّ) تهشمت أوطارُه// ومضى بلا حس ولا إقرارِ!
السفرةُ الحسناء أجملُ غادةٍ// ونسيمُها كالسلسل المدرارِ
ورحيقُ حبات الثمار كمَعسلٍ// متدفقِ البسمات والأعطار
بلدي هنا لحنُ الجمال ووردةٌ// مخضرة الألوان والأنوارِ
بلدي به زهر الخلود وروضةُ// مكسوة الأنداء والأسرار!
يا صاحبي صُغتَ الفراق ورحتمُ// تتزينونَ برحلة الإبهار!
أو ليس قطري كالربيع تجملا// وغناؤه كالشدو للأطيار؟!
هذي ربى (قرن المخيضرِ) أينعت// وازّينت لمطالعٍ ومَزار
او ما رأيت حقولَنا وجبالنا// قد أشرقت بروائع الأخبار؟!
هذي (محايل) غنوةٌ ذهبيةٌ// ليست بموطن غُصةٍ وشنارِ
تُهديك من نبع السرور حلاوةً// وتُغيثكم من واحة الأزهار
فالسحرُ يسري في الوهاد كأنه// همسُ الصباح وضُحكة الأقمارِ
هذي ديار أحبتي وعشيرتي// كم غردت بنفائس الأشعار !
كيف الرحيل لغيرها وجمالُها// متدثرٌ بعباءة الإكبارِ؟!
ما البعدُ ما وهج الخضار فجوها// جو الهناء وهدأة الأبصار؟!
ولهيبها الدفءُ الخصيبُ كأنه// قمع السيوف لصولة الفجارِ
وغبارها صهل الخيول وعزفها// بالعزم والتكبير والإصرارِ
تسمو (تهامة) فوق كل حديقةٍ// فسهولها كمباهجٍ ومنارِ
إن كان قد جفّ الربيع بحرها// فحَرورها كبلاسم الإعصارِ
يشتف من أرضي الغمومَ وينتهي// لوضاءةٍ وهناءة وقرارِ
أو كان قد ضاق النسيمُ بقيظها// فبليلها نسخ اللهيب الضاري
عودوا إلى وطن السكون فبُعدكم// بعد الخلال وكثرة الآصارِ
قد طفتُ في الدنيا ودُرت أماكنا// لكنْ مكاني غُنمُ كل فخارِ
وبليلها تَغنَى النفوسُ كأنها// قد ُأترعت من بسمة الأنهارِ
راقت نفوسُ أحبتي وتداولوا// حلوَ الكلام بلُكنة السمّار
هل قد ترى تلك العقود ومرفأً// يؤويك من غمٍ ومن أكدار؟!
ساحت سياحتُكم وضاق مصيرُكم// حين ارتسمتم مسلك الأغيار
فسياحةٌ وتكلفٌ وخسائرٌ// حتى أتيتَ بحلية الإفقار
وتبددت تلك النقودُ وأثمرت//حزنَ النفوس وغمةَ الإنكار
ما مثل مسقط رأسكم وأريجه//هيا انتشوا بنفائس وخَضار
تبقى (محايلُ) سعدَ كل مسافر// وحنينُه للوصل والتذكارِ
تبقى (محايل) ساحةً وسياحةً// وسوانحا للفكر والإدرارِ
تبقى (محايل) زهرةَ الخلد التي// قد رفرفت لمراسم الأحرارِ
١٤٣٥/٨/٢٧