كثيرًا ما يدندن الغرب الكافر حول قضية حقوق الإنسان وخصوصًا حقوق المرأة ،
متخذًا من هذه القضايا أدوات سياسية قذرة للضغط على الدول الإسلامية ولممارسة
الهيمنة عليها والتغيير فيها حسبما يقتضيه الذوق الغربي الفاسد .
وغدت هذه القضية كالمطرقة فوق رؤوس بعض من لا يثقون بدينهم ولا يعتزُّون
بعقيدتهم ولا يفتخرون بموروثهم لجهلهم به وغفلتهم عنه ومخالفتهم له .
والحقيقة الدقيقة أننا معاشر المسلمين بحاجة إلى أن نقلب ظهر المجن في وجوه
أعداء ملتنا ، لنحاربهم بسلاحهم ونقاومهم برماحهم ، لنجعلها كالسيوف المصلتة
فوق جماجمهم الصدئة التي ملئت كبرًا وغطرسة وعتوا ، ولو كره المحبون لهم
والمتعلقون بهم !
فما من دين أعظم من دين الإسلام الذي يرعى الذمم ويصون الأمم ويعلي من مكانة
الإنسان ويحافظ على حقوقه ويرعى مصالحه .
لا نقول هذا كردة فعل لهجومهم علينا وطعنهم فينا ، فليسوا ممن يهمنا رأيهم أو
تشغلنا انتقاداتهم ، ولكننا نهتف به في مسامع بعض إخواننا الذين اهتزَّت
قناعتهم في دينهم لضعف إيمانهم ورقَّة يقينهم ، واضطربت مفاهيمهم حول شريعتهم
لجهلهم بحكمه وأحكامه وغفلتهم عن شرائعه ونظامه ،تأثرًا بالزخم الإعلامي
والانفتاح الأهوج على العالم دون ضابط شرعي أو رسوخ عقدي أو تأصيل علمي .
فزلَّت الأقدام وزادت الأوهام وزاغت الأقلام في بحر الضلال من أناس جهال
يستحقون أن تفرس أقلامهم في أحداقهم لأنهم عمي عن الحقيقة الناصعة صمٌّ عن
الوقائع الصادقة ، يرددون في سخف و غباء مقالات وقناعات الأعداء ، ويلقفون في
سخف بالغ ما يتقيؤه الغرب الكافر الفاجر ويفرحون به ، وربَّ ساع في حتف نفسه
وهو لا يشعر .
وليس الذي يدمي قلوبنا بغي أعدائنا علينا ، فالحرب بيننا وبينهم حرب دين قبل أن
تكون على لعاع من حطام الدنيا الفاني ، وإنما الذي يفري الكبد ويحرق القلب أن
خذلاننا جاء من بين صفوفنا ومن داخل بيوتنا ، ونحن قوم لا نطيق أن تكون حصوننا
مهدمة من الداخل مهزوزة الثوابت مخلخلة الأساس .
وفي استقراء سريع لبعض النصوص الشرعية في هذه القضية نجد أن الإسلام بأوا مره
ونواهيه حافظ على حقوق الإنسان وصان كرامته ورفع من منزلته وأعلى من قدره ، بل
وحافظ على حقوق الحيوان قبل الإنسان ، فحرَّم إيذاءه والتعدي عليه ونهى عن
القسوة معه والغلظة عليه ، فهل من مدَّكر ؟!
والنصوص الشرعية الناطقة بمنطوقها ومدلولها على هذه الحقيقة في محافظة الإسلام
على حقوق الحيوان البهيم فضلا عن المحافظة على حقوق الإنسان المستقيم لا تعد
ولا تحصى ، ولا يعمى عنها إلاَّ من لا بصيرة له .
فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثًا ؟