بناء الحكم الشرعي
على الخلاف خطأ في المنهج ومنهج في التمييع
سلطان بن عثمان البصيري
خرجت هذه الأيام فتاوى تُعلّل في حكمها بالخلاف الفقهي ، وهذا خطأ في المنهج
العلمي، ومنهج لتمييع أحكام الشريعة وتهوينها في نفوس الناس ، فالخلاف ولو وجِد
لا يكون علّة للحكم بالإباحة أو الوجوب أو الاستحباب أو التحريم أو الكراهة ،
وذلك عند علماء الشريعة قاطبةً.
والمقصود بالعلّة الوصف الظاهر المنضبط الذي يكون مناطاً للحكم ، فيدور الحكم
معه وجوداً وعدماً ، فإذا وجِد الوصف وِجِدَ الحكم ، وإذا عُدِمَ الوصف عُدِمَ
الحكم ، وهذه العلّة إما أن يكون منصوصاً عليها في الدليل أو مســتنبطة منه ،
كما هو مقرّر عند علماء أصول الفقه.
وقد يذكر بعض علماء الشريعة الخلاف لبيان أن المسألة ليس مقطوعاً بدلالتها
وأنها من المسائل الاجتهاديّة ، لا لتعليق الحكم عليه. كما قد يذكر بعضهم
الخلاف ليحتاط السامع لدينه لما لم يتضح له حكمه أحلالٌ هو أم حرام ، ففي
الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( إن الحلال بيّن وإن الحرام
بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد
استبرأ لدينه وعرضه .. الخ ) رواه البخاري.
هذا وإن مما ينبغي التنبيه له أن ليس كل خلافٍ معتبر ، فالقول الذي لا يقوم على
دليلٍ ، أو يُعارضُ دليلاً من الكتاب والسنة لا عبرةَ به.
ومما أختم به مقالتي هذه جميلَ ما كان يكرره الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله
– في دروسه ( التعليل بالخلاف عليل ).