عندما ننظر في أكثر دول العالم من حولنا نجد أن أعضاء البرلمانات ترشحوا
لها من المجالس البلدية ، وبعضهم لم يتوقف به الأمر ليكون عضواً في
البرلمان بل صار وزيراً وآخر رئيس دولة وثالث وصل لمنصب رفيع ، وأجزم بأنّ
هذا المآل هو السبب الذي من أجله يُمانع البعض لدينا من مشاركة المرأة في
الانتخابات ، فالانتخابات بداية الطريق .. انتخاب ثم ترشّح ثم منصب في
المجلس البلدي ثم الشورى ثم .. الخ ، فمن ينظر المآلات يقول هذا ، أما من
يكتفي بنظرة آنية لا يرى بأساً بذلك.
ولكن التساؤل الذي وردني بعد أن قلت في كلام سابق عن انتخاب المرأة : ( إنه
لم يأت لفظ صريح في الاتفاقيات الدولية عن الانتخاب ) في رسائل توالت على
بريدي وكانت تلك الرسائل متعجّبةً من هذا الكلام ، لأن المادة السابعة في
الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979والتي
انضمت لها المملكة كان نصّها : ( تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير
المناسبة للقضاء على التمييز في الحياة السياسية والعامة للبلد ، وبشكل خاص
تكفل للمرأة على قد المساواة مع الرجل الحق في : أ - التصويت في جميع
الانتخابات والاستفتاءات العامة ، وأهلية الانتخاب الهيئات التي يُنتخب
أعضاؤها بالاقتراع العام ). انتهى.
وفي الحقيقة أن الصياغة عند التأمّل لا يُفهم منها الصراحة في الإلزام ،
فالتقييد اللاحق للفظ التدابير وهو لفظ ( المناسبة ) يُمكّن الدول الأطراف
من استبعاد غير المناسب من التدابير.
صحيح أن لفظ التدابير عام لدخول ( ال ) الجنسية عليه ، ولكن قيد ( المناسبة
) لم يُبقه على عمومه ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فقولي : (إنه لم يأت لفظ
صريح في الاتفاقيات الدولية عن الانتخاب ) ، قصدت به الصراحة في الإلزام
بانتخاب المرأة ، فـ ( ال ) في لفظ الانتخاب في كلامي للعهد ، أي ( ال )
العهديّة ، وما عُهد انتخاب في الكلام إلا عن انتخاب المرأة.
هذا مع التأكيد على أنّ الاتفاقية الدولية ليست قانوناً بالمعنى الحقيقي
لأنها تختلف عن القانون في مصدري التشريع والقضاء ، وكذلك فإن قواعدها – أي
الاتفاقية – تفتقر إلى بعض خصائص القاعدة القانونية مثل الجزاء عند
مخالفتها ، فغايته قطع العلاقات والشطب من الاتفاقية.
بل أضحت الاتفاقيات عند الدول الكبرى حبراً على ورق ، كالاتفاقيات المتعلقة
بأسرى الحرب وغيرها ، وما يحدث في دول المسلمين المستضعفين شاهد ، وبالله
التوفيق.