شرح أحاديث عمدة
الأحكام
شرح عمدة الأحكام – باب الاعتكاف
عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم
شرح عمدة الأحكام – باب الاعتكاف
تبويب المصنف .
فيه مسائل :
1 = قال ابن عبد البر : الاعتكاف في كلام العرب : هو القيام على الشيء
والمواظبة عليه والملازَمَة له .
وأما في الشريعة ؛ فمعناه الإقامة على الطاعة وعَمَل البِرّ على حَسَب مَا
وَرَد مِن سُنن الاعتكاف .
وقال القاضي عياض : الاعتكاف معلوم في الشرع ، وهو ملازمة المسجد للصلاة وذِكْر
الله .
وأصله في اللغة : اللزوم للشيء والإقبال عليه ، قال الله تعالى : (سَوَاءً
الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) أي : الْمُقِيم بِه . يُقَال : عَكَف يَعْكُف
ويَعْكِف - بِضَمّ الكاف وكسرها ، واعتكف أيضا ، وقوله : وهُم عُكوف . اهـ .
2 = نَقَل ابن عبد البر الإجماع على جواز الاعتكاف في جميع السنة عدا الأيام
المنهي عن صيامها .
قال ابن عبد البر : فما أجمع العلماء عليه من ذلك أن الاعتكاف جائز الدهر كله
إلاَّ الأيام التي نهى رسول الله عن صيامها ، فإنها موضع اختلاف ، لاختلافهم في
جواز الاعتكاف بغير صوم .
وأجمعوا أن سُـنَّة الاعتكاف المندوب إليها شهر رمضان كله أو بعضه ، وأنه جائز
في السنة كلها إلاَّ ما ذكرنا . اهـ .
3 = أجمعوا على أن الاعتكاف لا يكون إلاّ في مسجد .
قال ابن عبد البر : وأجمعوا أن الاعتكاف لا يكون إلاَّ في مسجد ، لقوله تعالى :
(وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) . اهـ .
وقال القرطبي : أجمع العلماء على أن الاعتكاف لا يكون إلاَّ في المسجد . اهـ .
4 = قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي
الْمَسَاجِدِ)
قال ابن عباس : هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو في غير رمضان ،
فَحَرَّم الله عليه أن ينكح النساء ليلا ونهارا حتى يقضي اعتكافه .
وذَكَر ابن كثير أن هذا " هو الأمر المتفق عليه عند العلماء : أن المعتكف يحرمُ
عليه النساء ما دامَ مُعْتَكِفًا في مسجده ، ولو ذهب إلى مَنْزِله لحاجة لا
بُدّ له منها فلا يَحِلّ له أن يتلبَّث فيه إلاَّ بمقدار ما يَفْرَغ مِن حاجته
تلك ، من قضاء الغائط ، أو أكْل ، وليس له أن يُقَبِّل امرأته ، ولا يَضُمّها
إليه ، ولا يشتغل بشيء سوى اعتكافه ، ولا يَعود المريض ، لكن يسأل عنه وهو مارّ
في طريقه . اهـ .
وبَيَّن ابن كثير أيضا أن " المراد بالمباشرة : إنما هو الجماع ودواعيه مِن
تَقْبِيل ومُعانقة ونحو ذلك ، فأما مُعاطاة الشيء ونحوه فلا بأس به" .
5= من جامَع أثناء الاعتكاف أفسد اعتكافه .
قال القرطبي : أجمع أهل العلم على أن مَن جامع امرأته وهو معتكف عامدًا لذلك في
فَرْجِها أنه مُفْسِد لاعتكافه ، واختلفوا فيما عليه إذا فعل ذلك ...
فأما المباشرة من غير جماع فإن قَصد بها التلذذ فهي مكروهة ، وإن لم يقصد لم
يُكْرَه ، لأن عائشة كانت تُرَجِّل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
مُعْتَكِف ، وكانت لا مَحَالة تَمَسّ بَدَن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بِيدِها ، فَدَلّ بذلك على أن المباشرة بغير شهوة غير محظورة . اهـ .
6 = جمهور أهل العلم على أنه لا شيء على مَن أفْسَد اعتكافه .
7 = لو قطع اعتكافه ، فلا شيء عليه ؛ لأنه لا يجب المضي في فاسِده ، فليس مثل
الحج . .
8 = نَقَل القرطبي على أن الاعتكاف سُـنّة إلاّ أن يكون نَذْرًا . وسيأتي تفصيل
ذلك في حديث عمر رضي الله عنه .