|
شرح الحديث الـ 204
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ : أَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
وَزَادَ مُسْلِمٌ : وَرَبِّ الْكَعْبَةِ .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم يَقُولُ : لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , إلاَّ
أَنْ يَصُومَ يَوْما قَبْلَهُ , أَوْ يَوْما بَعْدَهُ .
فيه مسائل :
1 = سبب النهي : أن يوم الجمعة يوم عيد .
قال عليه الصلاة والسلام : إن هذا يومُ عيدٍ ، جعله الله للمسلمين ، فمن جاء
إلى الجمعة فليغتسل ، وإن كان طِيبٌ فليَمَسَّ منه ، وعليكم بالسواك . رواه ابن
ماجه ، وهو حديثٍ حسن .
2 = ولَمّا كان يوم الجمعة هو سيد الأيام وهو أفضلها جاء النهي عن إفراده ،
لئلا يُتوهّم أن هذه الخصوصية لها خاصية .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تختصوا
ليلة الجمعة بِقِيام مِن بَيْن الليالي ، ولا تَخُصُّوا يوم الجمعة بِصيام مِن
بين الأيام إلاَّ أن يكون في صوم يصومه أحدكم . رواه مسلم .
3 = حُكم إفراد يوم الجمعة بالصيام :
مذهب الشافعي وأحمد : القول بالكراهة .
ومذهب أبي حنيفة ومالك : القول بِعدم الكراهة .
4 = تزول الكراهة إذا ضُمّ إليه يوم آخر .
ففي رواية للبخاري : زاد غير أبي عاصم : يعني : أن ينفرد بِصوم .
وفي حديث جويرية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم
الجمعة وهي صائمة فقال : أصُمْتِ أمس ؟ قالت : لا . قال : تريدين أن تصومي غدا
؟ قالت : لا . قال : فأفطري . رواه البخاري .
قال ابن قدامة : وهذا الحديث يدل على أن المكروه إفراده ؛ لأن نَهْيه مُعَلَّل
بِكُونها لم تَصُم أمْس ولا غَدًا . اهـ .
5 = ولا يدخل في النهي إذا وافق يوم صيام من غير قصد تخصيص يوم الجمعة .
ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : ولا تَخُصُّوا يوم الجمعة بصيام من
بين الأيام إلاَّ أن يكون في صوم يصومه أحدكم . رواه مسلم .
فإذا كان أحد يصوم يوما ويُفطِر يوما ، فوافق يوم الجمعة ، فلا كراهة ، ولا
يُنهى عنه .
ومثله : لو وافق يوم عرفة يوم جُمعة .
قال ابن قدامة : ويُكْرَه إفراد يوم الجمعة بالصوم ، إلاَّ أن يُوافِق ذلك
صومًا كان يصومه ، مثل من يصوم يوما ويُفْطِر يومًا فيوافق صومه يوم الجمعة ...
نص عليه أحمد ، في رواية الأثرم .
قال : قيل لأبي عبد الله : صيام يوم الجمعة ؟ فذكر حديث النهي أن يُفْرَد ، ثم
قال : إلاَّ أن يكون في صيام كان يصومه ، وأما أن يُفْرَد فلا .
قال : قلت : رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما ، فوقع فِطره يوم الخميس ، وصومه يوم
الجمعة ، وفِطْره يوم السبت ، فصام الجمعة مُفْرَدًا ؟ فقال : هذا الآن لم
يتعمّد صومه خاصة ، إنما كُرِه أن يتعمّد الجمعة . اهـ .
6 = الرواية التي أشار إليها المصنف : رواها مسلم من طريق محمد بن عباد بن جعفر
قال : سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو يطوف بالبيت أنهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة ؟ فقال : نعم ، ورب هذا البيت .
قال ابن حجر : وفي رواية النسائي : "ورب الكعبة " ، وعزاها صاحب "العمدة"
لِمُسْلِم فَوَهِم .
7 = جواز الحلف من غير استحلاف ، إذا كان بقصد التأكيد من غير إكثار !
والقصد منه التأكيد .
ولا يُعتبر ذلك مِن خِصال المنافقين ؛ لأن المنافقين اتّخذوا أيمانهم جُنة
ووقاية وحماية !
وبالله تعالى التوفيق .