1= التسلسل المنطقي لدى المؤلِّف ، فهو قد بدأ بالصلاة التي تتكرر يوميا ، ثم
بصلاة الجمعة التي تكرر أسبوعيا ، ثم بصلاة العيد التي تتكرر سنويا ، ثم بصلاة
الكسوف التي تتكرر من غير تحديد .
وهذا يدلّ على أن لدى العلماء مناهج في التأليف ، وليس جمعا عشوائيا !
2= معنى الكسوف في اللغة : السَّوَاد .
والخسوف في اللغة : النقصان .
قال ابن عبد البر : قال أهل اللغة : خَسَفت : إذا ذهب ضوؤها ولونها ، وكَسَفَت
إذا تغير لونها . يُقال : بئر خَسِيف إذا ذهب ماؤها ، وفلان كاسِف اللون ، أي :
مُتَغَيِّر اللون . ومنهم مَن يجعل الخسوف والكسوف واحد ، والأول أولى . اهـ .
3= استعمال الخسوف والكسوف في خسوف الشمس والقمر وكسوفهما .
قال الإمام البخاري : بَاب هَلْ يَقُولُ : كَسَفَتْ الشَّمْسُ أَوْ خَسَفَتْ ؟
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) .
ثم روى بإسناده إلى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ
..
وفيه : ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّت الشَّمْسُ ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ
فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ : إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ
، لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ .
وروى مسلم عن عروة قال : لا تَقُل : كَسَفت الشمس ، ولكن قُل : خسفت الشمس .
4= الحكمة من وقوع الكسوف :
1 – ظُهور القدر في التصرّف .
2 – يتبيّن بِتغيّرهما تغيّر ما بعدهما .
3 – إزعاج القلوب الساكنة بالغفلة .
4 – ليرى الناس أنموذجا لِمَا سيكون يوم القيامة .
5 – تنبيه على خوف المكر ورجاء العفو .
6 – إعلام بأنه قد يُؤخذ من لا ذنب له ليحذر من له ذنب .
7 – إن الناس قد أنِسُوا بالصلوات المفروضة فيأتونها من غير إزعاج ولا خوف .
فأتى الله بهذه الآية سببًا لهذه الصلاة ، ليفعلوها بانزِعاج وخوف .
[ بتصرف من الإعلام بفوائد عمدة الأحكام ، لابن الملقِّن ] .
ويُمكن أن يُضاف إليها :
أن تغيّر الشمس يُذكِّر بتغيّر مسارها وطلوعها مِن مغربها ، الذي سَيَفْزَع
الناس عنده ، بل ويُؤمنون ، ولكن لا ينفع الإيمان حينئذ ؛ لأنه إيمان بأمْر
مُشَاهَد .
قال تعالى : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا
إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا
خَيْرًا) .