|
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - نُسَيْبَةَ الأَنْصَارِيَّةِ - قَالَتْ : أَمَرَنَا –
تَعني النبي صلى الله عليه وسلم – أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ
، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ , وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى
الْمُسْلِمِينَ .
وَفِي لَفْظٍ : كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ , حَتَّى
نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا , حَتَّى تَخْرُجَ الْحُيَّضُ ,
فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ , يَرْجُونَ بَرَكَةَ
ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ .
فيه مسائل :
1= قولها رضي الله عنها : أَمَرَنَا – تَعني النبي صلى الله عليه وسلم – ، هذا
مزيد بيان ، وإلاّ فإن قول الصحابي : " أُمِرنا " يَعني به النبي صلى الله عليه
وسلم ، والعلماء يقولون : له حُكم الحديث المرفوع ، لأن الآمِر هو النبي صلى
الله عليه وسلم .
وفي رواية : أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ .
2= هل الأمر للوجوب ؟
الجواب : لا ، ففي رواية : يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ .
ولأن أصل صلاة العيد لا يتعيّن ؛ بِدليل أن الأمر شَمِل الْحيّض ، مع أنهنّ لا
يُخاطَبن بالصلاة .
قال ابن رجب في هذه المسألة : وقد اختلف العلماء فيه على أقوال :
أحدها : أنه مستحب ، وحكي عن طائفة من السلف ، منهم علقمة .
وروي عن ابن عمر ، أنه كان يُخْرِج نساءه . وروى عنه، أنه كان يحبسهن .
وروى الحارث ، عن علي قال: حق على كل ذات نِطاق أن تَخرج في العيدين .
ولم يكن يرخص لهن في شيء من الخروج إلاَّ في العيدين . وهو قول إسحاق وابن حامد
من أصحابنا .
وقال أحمد - في رواية ابن منصور- : لا أُحِبّ منعهن إذا أردن الخروج .
والثاني : أنه مباح ، غير مستحب ولا مكروه ، حُكِي عن مالك ، وقاله طائفة من
أصحابنا .
الثالث : أنه مكروه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو قول النخعي ويحيى
الأنصاري والثوري وابن المبارك . وأحمد - في رواية حرب-، قال : لا يُعْجِبني في
زماننا ؛ لأنه فتنةٌ ، واستدل هؤلاء بأن الحال تَغَيَّر بعد النَّبيّ - صلى
الله عليه وسلم - .
وقد قالت عائشة : لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء
بعده لمنعهن المساجد ، وقد سَبق .
والرابع : أنه يُرَخَّص فيه للعجائز دون الشَّوَابّ ، رُوي عن النخعي – أيضا -
وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، ونقله حنبل عن أحمد .
وروي عن ابن عباس بإسناد فيه ضعف ، أنه أفتى بذلك سعيد بن العاص ، فأمَر
مُناديه أن لا تَخرج يوم العيد شابة ، وكل العجائز يَخرجن .
الخامس :- قول الشافعي- : يُستحب الخروج للعجائز ومن ليست من ذوات الهيئات .
وفَسَّر أصحابه ذوات الهيئات بذوات الحسن والجمال،ومن تميل النفوس إليها ،
فَيُكْرَه لهن الخروج ؛ لِمَا فيهِ من الفتنة .
3= العواتق : جمع عاتِق ، وهي الجارية البالغة . وقيل : مَن أشرَفَت على البلوغ
.
قال ابن الأثير : العاتِقُ : الشًّابَّة أوّل ما تُدْرِكُ . وقيل : هي التَّي
لم تَبِنْ مِنْ وَالِدَيها ولم تُزَوَّج وقد أدْركَت وشَبَّت وتُجْمَع على
العُتَّق والعَواتِق ... يقال : عَتَقَت الجاريةُ فهي عاتِق، مثل حاضَت فهي
حَائِض . وكُلُّ شيء بلغ إنَاه فقد عَتُقَ : والعَتيق : القديم . اهـ .
4= ذوات الخدور : صاحبات الخدور .
قال ابن الأثير : الخدْرُ : ناحية في البيت يُتْرك عليها سِتْرٌ فتكون فيه
الجارية البكر . خُدِّرت فهي مُخَدَّرة . وجمع الخدْر الْخُدُور . اهـ .
ويُراد به الأبكار .
5= الْحُيَّض : جمع حائض .
6= هل تدخل الحائض الْمُصلَّى والمسجد ؟
لَمَّا حدّثت أم عطية بهذا الحديث قالت حفصة : آلْحُيَّضُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ،
أَلَيْسَ الْحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ ؟ وَتَشْهَدُ كَذَا ؟ وَتَشْهَدُ كَذَا
؟ رواه البخاري .
وأما حديث " لا أَحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلا جُنُبٍ " ، فهو حديث ضعيف .
لأن مدار إسناده على جسرة بنت دجاجة ، وهي ضعيفة .
وقال البخاري في التاريخ الكبير عنها : عندها عجائب .
ولذا قال الحافظ عبد الحق : هذا الحديث لا يثبت .
وفي إسناده أَفْلَت بن خَلِيفَة ، وهو ضعيف أيضا .
والْجُنُب أشدّ حدثًا من الحائض .
ويستدل بعض العلماء على منع الجنب من دخول المسجد بقول الله عز وجل : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى
حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ
حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ )
فهذا فيما يتعلق بقربان الصلاة لا بدخول المساجد ، فالآية واضحة في نهي
المؤمنين عن أداء الصلاة في تلك الأحوال لا عن دخول المساجد .
قال البغوي : وجوّز أحمد والمزني المكث فيه ( يعني في المسجد ) ، وضعف أحمد
الحديث ؛ لأن رَاويه (أفلت) مجهول ، وتأول الآية على أن ( عَابِرِي سَبِيلٍ )
هم المسافرون تُصيبهم الجنابة ، فيتيممون ويُصلّون ، وقد روي ذلك عن ابن عباس .
انتهى .
وقال ابن المنذر : يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا .
والكافر أشدّ حدَثًا من الجنب والحائض .
وقد أدخل النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال وكان مشركا ، أدخله إلى مسجده
صلى الله عليه وسلم وربطه في سارية من سواري المسجد ، ثم أسلم فيما بعد ،
والحديث في الصحيحين .
فإذا كان المشرك لا يُمنع من دخول المسجد لوجود مصلحة ، فالمسلم الذي أصابته
الجنابة أو المسلمة التي أصابها الحيض أولى أن لا يُمنعوا .
7= ما المقصود باعتزال المصلَّى ؟
المقصود اعتزال الصلاة ، ففي رواية : الدارمي : فَأَمَّا الْحُيَّضُ
فَإِنَّهُنَّ يَعْتَزِلْنَ الصَّفَّ .
وفي رواية الطبراني : وَيَعْتَزِلْنَ صَلاتِهِمْ .
وهذا يُؤكِّد أنهن إنما يعتزِلن الصلاة ، فلا يَقِفْن في الصفّ ، ولو كان
المقصود اعتزال المصلّى لم يكن لأمرهن بالخروج معنى .
8= سبب الاعتزال ؟
قَالَ اِبْن الْمُنِير : الْحِكْمَة فِي اِعْتِزَالهنَّ أَنَّ فِي وُقُوفهنَّ
وَهُنَّ لا يُصَلِّينَ مَعَ الْمُصَلِّيَات إِظْهَارَ اِسْتِهَانَة بِالْحَالِ
. فَاسْتُحِبَّ لَهُنَّ اِجْتِنَاب ذَلِكَ . نَقَله ابن حجر في " الفتح " .
9= الحكمة من خروج الحيّض والصغار والكبار :
" وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ " ، فحضور مجتمعات الخير
يُدْخِل الحاضر في دعوة المسلمين .
وذَكَر بعض العلماء أن هذا حيث كان في المسلمين قِلّة ، وحينما كانت تُؤمن
الفتنة . ذَكَره ابن الملقِّن .
" فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ , يَرْجُونَ
بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ " .
10= " وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ " التأمين على الدعاء ورجاء الإجابة في مجامع
المسلمين .
11= إذا خَرَجت النساء كُنّ في حافات الطريق ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم
حينما خَرَج من المسجد فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ
، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لِلنِّسَاءِ: اسْتَأْخِرْنَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ
لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ .
فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا
لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ . رواه أبو داود .
قال العظيم أبادي في " عون المعبود " : ( أَنْ تَحْقُقْنَ ) : بِسُكُونِ
الْحَاء الْمُهْمَلَة وَضَمِّ الْقَاف الأُولَى . قَالَ فِي النِّهَايَة : هُوَ
أَنْ يَرْكَبْنَ حِقّهَا ، وَهُوَ وَسَطهَا ، يُقَال : سَقَطَ عَلَى حَاقِّ
الْقَفَا وَحُقِّهِ. اِنْتَهَى . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : أَيْ: ابْعُدْنَ عَنْ
الطَّرِيق ...
وَالْمَعْنَى أَنْ لَيْسَ لَهُنَّ أَنْ يَذْهَبْنَ فِي وَسَط الطَّرِيق . اهـ .
ويَخرُجن غير مُتبرِّجات ولا مُتطيِّبَات ولا مُتجمَّلات .
والمرأة تُمنع من الخروج لِصلاة العشاء مُتطيِّبَة ، فكيف بِصلاة العيد ؟
قال عليه الصلاة والسلام : إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمسَّ طيبا . رواه مسلم
.
وقال : أيما امرأة أصابت بَخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة . رواه مسلم .
وقال : أيما امرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية . رواه الإمام
أحمد وغيره .
بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعطّرت أن تغتسل حتى لو كانت تريد
المسجد .
فقد لقيَ أبو هريرة رضي الله عنه امرأةً فوجد منها ريح الطيب ينفح ولِذَيْلِها
إعصار ، فقال : يا أمة الجبار ! جئت من المسجد ؟ قالت : نعم .قال : وله تطيبت ؟
قالت : نعم . قال : إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : لا
تُقبل صلاةٌ لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غُسلها من الجنابة .
رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وحسنه الألباني .
12= السنة أن تكون صلاة العيد خارج البلد ، سواء كانت في المصلّى أو كانت في
الصحراء ، واستثنى العلماء أهل مكة ، فإنهم يُصلون صلاة العيد في المسجد الحرام
.
13= مشروعية التكبير في العيدين ، والسنة إظهاره مِن قِبَل الرجال ، وتُكبِر
النساء سِرًّا ، أو تُسمع صاحبتها، كما في التلبية في الحج .
فإن قوله عليه الصلاة والسلام : " فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ " أي يفعلن
مثلهم من حيث أصل التكبير ، لا من حيث رفع الصوت .
14= ليس في الحديث دليل على التكبير الجماعي ، لِوجود الفَرْق بين الذّكر
الجماعي وبين وقوعه اتِّفاقا .
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عَنْ وَقْت التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ ؟
فأجاب رحمه الله : أَصَحُّ الأَقْوَالِ فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي عَلَيْهِ
جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالأَئِمَّةِ : أَنْ
يُكَبِّرَ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
عَقِبَ كُلِّ صَلاةٍ، وَيَشْرَعُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَجْهَرَ بِالتَّكْبِيرِ
عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى الْعِيدِ . وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الأَئِمَّةِ
الأَرْبَعَةِ . اهـ .
15= صِيَغ التكبير :
جاء عن ابن عباس أنه كان يُكَـبِّر مِن صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام
التشريق : الله أكبر كبيرا ، الله أكبر كبيرا ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر
ولله الحمد .
وجاء عن عليّ وعن ابن مسعود أنهما كانا يُكَبِّرَان أيام التشريق : الله أكبر ،
الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد .
قال ابن عبد البر : وأمَّا كَيفية التَّكْبير فالذي صَح عن عُمر وابن عمر
وعَليّ وابن مسعود أنه ثلاث ثلاث : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ الْمَنْقُولِ عِنْدَ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ : قَدْ
رُوِيَ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ
اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ . وَإِنْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلاثًا
جَازَ . وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ يُكَبِّرُ ثَلاثًا فَقَطْ ، وَمِنْهُمْ مَنْ
يُكَبِّرُ ثَلاثًا ، وَيَقُولُ : لا إلَهَ إلاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ
لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
وَأَمَّا التَّكْبِيرُ فِي الصَّلاةِ فَيُكَبِّرُ الْمَأْمُومُ تَبَعًا
لِلإِمَامِ ، وَأَكْثَرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالأَئِمَّةِ
يُكَبِّرُونَ سَبْعًا فِي الأُولَى وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ . وَإِنْ شَاءَ
أَنْ يَقُولَ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ
لِلَّهِ وَلا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ . اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِي وَارْحَمْنِي . كَانَ حَسَنًا كَمَا جَاءَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . اهـ .
وقال ابن حجر : وَأَمَّا صِيغَةُ التَّكْبِيرِ فَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِيهِ مَا
أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ :
"كَبِّرُوا اللَّهَ ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ
كَبِيرًا " .
وَنُقِلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
أَبِي لَيْلَى أَخْرَجَهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ فِي " كِتَابِ الْعِيدَيْنِ
" مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ
الشَّافِعِيِّ وَزَادَ " وَلِلَّهِ الْحَمْدُ " . وَقِيلَ : يُكَبِّرُ ثَلاثًا
، وَيَزِيدُ " لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ .. إِلَخْ " ،
وَقِيلَ يُكَبِّرُ ثِنْتَيْنِ بَعْدَهُمَا " لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ ،
وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ " جَاءَ ذَلِكَ
عَنْ عُمَرَ ، وَعَنْ اِبْنِ مَسْعُودٍ نَحْوُهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ
وَإِسْحَاقُ ، وَقَدْ أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ زِيَادَةٌ فِي ذَلِكَ لا
أَصْلَ لَهَا . اهـ .
16= التكبير المطلق في ليالي العيدين ، وفي عشر ذي الحجة .
والمقيَّد / مِن فجر يوم عرفة – لغير الحاج – ، وللحاج من ظُهر يوم النحر .
جاء عن ابن عباس أنه كان يُكَـبِّر مِن صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام
التشريق .
قال الإمام مالك : والتكبير في أيام التشريق على الرِّجال والنساء ، مَن كان في
جماعة أو وَحْده ، بِمِنى أو بِالآفاق كلها .
وقال الإمام البخاري : وكانت ميمونة تُكَبِّر يوم النحر ، وكان النساء يُكبرن
خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرِّجَال في المسجد .
أي : إذا صَلَّت النِّساء خَلْف الرِّجَال في المسجد .
وتُكبِّر المرأة إذا صَلَّتْ وَحْدَها في بيتها . وتقدّم قول الإمام مالك : مَن
كان في جماعة أو وَحْده .
قال ابن عبد البر : وأما الذِّكْر فهو بِمِنى التَّكْبِير عند رمي الجمار ، وفي
سائر الأمصار التكبير بإثْر الصلاة .
قال ابن قائد النجدي الحنبلي : يُسنّ التكبير المقيّد عَقيب كل فريضة فُعِلت
جماعة ؛ لأن ابن عمر كان لا يُكبِّر إذا صلّى وحده . وقال ابن مسعود : إنما
التكبير على من يُصلِّي في جماعة . رواه ابن المنذر . فيلتفت [يعني الإمام ]
إلى المأمومين ، ثم يُكبِّر ، لِفعله عليه الصلاة والسلام .
وقال عني التكبير المقيَّد : مِن صلاة صُبْح يوم عرفة . رُوي عن عُمر وعليّ
وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم .
والْمُحْرِم يبتدئ التكبير المقيَّد من صلاة الظهر يوم النحر ؛ لأنه قبل ذلك
مشغول بالتلبية ، فلو رمى جمرة العقبة قبل الفجر ، لم يُكبِّر ، ولو أخّر الرمي
إلى ما بعد الظهر ، كبَّر ولـبَّى .
ويستمر المقيَّد إلى عصر آخر أيام التشريق .
قال : والجهر به مسنون ، إلاّ للمرأة .
ويأتي به كالذِّكْر عقب الصلاة .
قال : ولا يُسَنّ التكبير عقب صلاة العيد ؛ لأن الأثر إنما جاء في المكتوبات ،
ولا عَقِب نافلة ، ولا فريضة صلاّها منفردًا . اهـ .
17= جواز ذِكر الله لكل من الحائض والْجُنُب من غير كراهة .
قالت عائشة رضي الله عنها : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ . رواه مسلم .
قال الإمام البخاري : ولم يَر ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا . وكان النبي صلى
الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه . اهـ .
وقيل لسعيد بن المسيب : أيقرأ الجنب القرآن ؟ قال : نعم ، أليس في جوفه ؟
18= استحباب تعويد الصبيان والبنات على العبودية لله عزّ وجلّ ، سواء في
التكبير أو في الصيام وغيرها .
والله أعلم .