|
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم يَوْمَ الْعِيدِ ، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ , بِلا
أَذَانٍ وَلا إقَامَةٍ ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ , فَأَمَرَ
بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى , وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ , وَوَعَظَ النَّاسَ
وَذَكَّرَهُمْ , ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ
وَذَكَّرَهُنَّ , وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ , تَصَدَّقْنَ ،
فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ , فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ
النِّسَاءِ , سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ ، فَقَالَتْ : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
فَقَالَ : لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ , وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ .
قَالَ : فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ ، يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ
بِلالٍ مِنْ أَقْرَاطِهِنَّ وَخَوَاتِيمِهِنَّ .
فيه مسائل :
1= قوله رضي الله عنه : " شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ يَوْمَ الْعِيدِ " أي :
صلاة العيد في يوم العيد .
ومعنى " شَهِدت " أي : حَضَرْت .
2= قوله رضي الله عنه : " فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ " تأكيد
لِمَا جاء في حديث البراء رضي الله عنه .
قال ابن عبد البر عن تقديم الصلاة على الخطبة : فهذا هو الصحيح الثابت عن النبي
وعن الخلفاء الراشدين المهديين بعده ، أنهم كانوا يصلون قبل الخطبة في العيدين
، بلا أذان ولا إقامة .
وعلى هذا فتوى جماعة الفقهاء بالحجاز والعراق ، وهو مذهب مالك والشافعي وأبي
حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي والحسن بن حَيّ وعبيد الله بن الحسن وعثمان
البتي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيدة وداود والطبري ؛ كلهم لا يَرون
في صلاة العيدين أذَانًا ولا إقامة ، ويُصَلُّون قبل الخطبة . اهـ .
وسبق الكلام على تقديم الصلاة على الخطبة في شرح حديث البراء رضي الله عنه .
3= لا يُشرع لصلاتي العيدين أذان ولا إقامة .
ففي الصحيحين عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله قالا : لم يكن يؤذّن يوم الفطر
ولا يوم الأضحى .
ورواية مسلم صريحة في نفي أي نداء لِصلاة العيد ، ففيها : قال عطاء :
أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ أَنْ لا أَذَانَ
لِلصَّلاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الإِمَامُ وَلا بَعْدَ مَا
يَخْرُجُ ، وَلا إِقَامَةَ وَلا نِدَاءَ وَلا شَيْءَ ، لا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ
وَلا إِقَامَةَ .
وفي حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَال : صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَيْنِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلا
مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ . رواه مسلم .
وقد أوْرَد ابن عبد البر قول ابن عباس أن النبي صلّى بهم يوم عيد عند دار كثير
بن الصَّلْت بِغير أذان ولا إقامة ، وصلى قبل الخطبة .
ثم قال : وكذلك كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يفعلون ، يُصَلّون العيدين بغير
أذان ولا إقامة ، لا خلاف عنهم في ذلك . اهـ .
ولا مفهوم لقول جابر رضي الله عنه : أَنْ لا أَذَانَ لِلصَّلاةِ يَوْمَ
الْفِطْرِ . فلا يُفهم منه التأذين للصلاة يوم عيد الأضحى .
4= لا يُنادى للعيدين بأي نِداء ، وذلك لأنه معلوم الوقت ، وليس مثل النوزال ،
كالخسوف والكسوف ، كما أن العيد ليس مثل الصلوات الخمس التي تتكرر ، وقد يغفل
الناس عن أوقاتها فاحتِيج إلى الأذان لكل صلاة .
قال الصنعاني في شرح حديث ابن عباس " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ بِلا أَذَانٍ وَلا إقَامَةٍ " : وَهُوَ دَلِيلٌ
عَلَى عَدَمِ شَرْعِيَّتِهِمَا فِي صَلاةِ الْعِيدِ ، فَإِنَّهُمَا بِدْعَةٌ .
اهـ .
قال : وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ الزُّهْرِيِّ : أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ
الْمُؤَذِّنَ فِي الْعِيدِ أَنْ يَقُولَ الصَّلاةُ جَامِعَةٌ .
أقول : وهذا مِن مراسيل الزهري ، وقد قال ابن معين ويحيى بن سعيد القطان : ليس
بشيء ، وكذا قال الشافعي . يعني ما يتعلّق بِمراسيل الزهري .
والمرسَل أصلا من قسم الحديث الضعيف ، فكيف إذا كانت من المراسيل التي قال فيها
العلماء : ليست بشيء ؟!
ولذلك قال الشيخ ابن باز : النداء للعيد بدعة . اهـ .
5= معنى " يتوكّأ " أي : يتحامَل ، وهو الميل في قيامه مُتحامِلاً على بِلال
رضي الله عنه .
6= قوله رضي الله عنه : " فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى , وَحَثَّ عَلَى
طَاعَتِهِ , وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ " هذا مما سِيق بالمعنى اختصارا ،
ويُؤخذ منه أن خُطبة العيد تكون مما يُوعَظ به الناس وتذكيرهم بتقوى الله
والحثّ على طاعته ، دون أن تكون خُطبة سياسية في الأحداث ! ودون إطالة .
وقد كانت الأحداث تجري في زمنه عليه الصلاة والسلام ، فلم يكن يذكر ذلك في
خُطبة العيد . والأصل في الخطبة الاقتداء وليس الابتداء .
وفي حديث أبي سعيد : " فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ " . رواه
البخاري .
قال الخرقي : فَإِنْ كَانَ فِطْرًا حَضَّهُمْ عَلَى الصَّدَقَةِ ، وَبَيَّنَ
لَهُمْ مَا يُخْرِجُونَ ، وَإِنْ كَانَ أَضْحَى يُرَغِّبُهُمْ فِي
الأُضْحِيَّةِ ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يُضَحَّى بِهِ .
وقال الصنعاني في شأن خُطبة العيد : وَأَنَّهَا كَخُطَبِ الْجُمَعِ أَمْرٌ
وَوَعْظٌ . اهـ .
وقال الشوكاني : قَوْلُهُ : " فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ " فِيهِ اسْتِحْبَابُ
الْوَعْظِ وَالتَّوْصِيَةِ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ . اهـ .
7= هل يُشرَع تخصيص النساء بِخطبة ؟
الجواب : لا ، إلاّ أن تكون هناك حاجة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل
ذلك ابتداء ، وإنما فَعله حينما ظنّ أنه لم يُسمِع النساء ، كما في حديث ابن
عباس رضي الله عنهما ، وهو مُخرّج في الصحيحين .
فَوَعْظ النساء ليس خُطبة مستقلّة ، وهو " صريح في أنه كان بعد الفراغ من
الخطبة " ، كما قال ابن الملقَّن .
8= هل الأصل في العيد خُطبة أن تكون واحدة أو اثنتين ؟
قال الصنعاني في شرح حديث أبي سعيد " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إلَى الْمُصَلَّى
وَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ
مُقَابِلَ النَّاسِ ، وَالنَّاسُ عَلَى صُفُوفِهِمْ ، فَيَعِظُهُمْ
وَيَأْمُرُهُمْ " : وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ خُطْبَةِ الْعِيدِ ،
وَأَنَّهَا كَخُطَبِ الْجُمَعِ أَمْرٌ وَوَعْظٌ ، وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّهَا
خُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ ، وَأَنَّهُ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا ، وَلَعَلَّهُ
لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَإِنَّمَا صَنَعَهُ النَّاسُ قِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَةِ . اهـ .
9= هل يجلس على المنبر قبل خُطبة العيد ؟
وهل يُشرَع أصلا وُجود منبر ؟!
الجواب : لا ، في كليهما ؛ فلا يُشرع جلوس قبل الخطبة ، ولا يُشرع وضع منبر
يُخطَب عليه يوم العيد .
أما الجلوس ، فلأن الإمام يوم الجمعة يجلس من أجل أن يُؤذِّن المؤذِّن ، فإذا
فَرغ المؤذن قام يخطب ، بينما لا نداء لصلاة العيد ، فلا يحتاج إلى ذلك الجلوس
.
وكذلك القول في المنبر ، فإن المنبر في المسجد لأجل علوّ الخطيب حتى يراه الناس
، بينما في مصلّى العيد لا يحتاج إلى ذلك لأن الناس في شِبه الصحراء ، لا يحجز
شيء عن رؤية الإمام .
وسبق في حديث أبي سعيد رضي الله عنه : " فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ
حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ
فِطْرٍ ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ
الصَّلْتِ " . رواه البخاري .
وقد أنكر أبو سعيد رضي الله عنه على مروان تقديم الخطبة على الصلاة ، وأقَرّ من
أنكِر على مروان إخراج المنبر ، ففي رواية لأحمد : : أخرج مروان المنبر في يوم
عيد ولم يكن يُخرج به ، وبدأ بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يُبدأ بها قال : فقام
رجل فقال : يا مروان خالفت السُّـنَّة ؛ أخْرَجْت المنبر يوم عيد ولم يكن يُخرج
به في يوم عيد ، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يبدأ بها . فقال أبو سعيد
الخدري : من هذا ؟ قالوا : فلان بن فلان. فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما
عليه . الحديث . قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
فهذا إنكار من هذا الصحابي ، وإقرار الصحابة رضي الله عنهم له .
قال ابن حجر : يُحْتَمَل أن يكون هو أبا مسعود الذي وقع في رواية عبد الرزاق .
اهـ .
ونَقَل الشوكاني أن الرجل الذي أنكر هو عُمَارَة بن رُؤيْبَة . وهو صحابيّ .
فعلى هذا يكون إنكار الصحابة لكل من تقديم الخطبة واتِّخاذ المنبر .
ولذلك قال الإمام البخاري : بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى بِغَيْرِ
مِنْبَرٍ .
ثم روى بإسناده إلى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال :كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ
وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ
ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى
صُفُوفِهِمْ ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ
يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ
ثُمَّ يَنْصَرِفُ .
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ
مَعَ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ ،
فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ
.. الحديث .
قال ابن حجر : وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ اِتَّخَذَهُ مَرْوَانُ .
اهـ . يعني : أوّل من اتّخذ المنبر .
كما أن قول أبي سعيد رضي الله عنه : " ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ
النَّاسِ " دليل على أنه لم يكن عليه الصلاة والسلام يتّخذ منبرا .
وإذا كان لا يَتِّخِذ مِنبرا ، فإنه لا يجلس ؛ لأنه لا وُجود للمنبر أصلا !
قال الشوكاني : لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قعد في خطبة العيد ، بل
كان يفرغ من الصلاة ، فيقوم ثم يخطب . اهـ .
وقال أيضا : وَقَدْ وَرَدَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ خُطْبَتَيْ الْعِيدِ حَدِيثٌ
مَرْفُوعٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ ، وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ
بْنُ مُسْلِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ . اهـ .
وهذا مقتضى قول أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه : ثُمَّ يَنْصَرِفُ
فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ .
وقد يُشكل على هذا قول جابر في صِفَة خُطبته صلى الله عليه وسلم يوم العيد :
فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ . والـنُّزُول يكون
مِن عُلوّ !
وهذا غير مُراد هنا ؛ لأن النّزول يُراد به الـتَّحوّل والانتقال .
ويدلّ على هذا رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما : ثُمَّ مَالَ عَلَى
النِّسَاءِ .
وفي رواية : فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ النِّسَاءَ فَأَتَاهُنَّ .
ويأتي النُّزُول في اللغة بمعنى التحوّل والانتقال .
قال الإمام البخاري : بَاب قَوْلِ الرَّجُلِ لأَخِيهِ : انْظُرْ أَيَّ
زَوْجَتَيَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا .
وقد يُقال : ما الذي حَمَل على مثل هذا القول ؟
فالجواب : أنه جاء صريحا عدم اتِّخاذ المنبر ، فَوَجب حَمْل الـنُّزُول على
التحوّل والانتقال .
10= في الحديث أن الصدقة تدفع البلاء ، وتَقِي العذاب .
وهذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام : " تَصَدَّقْنَ ، فَإِنَّكُنَّ
أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ " .
وجاء صريحا قوله : " الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ
الْمَاءُ النَّارَ " رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث كعب بن عُجرة رضي الله
عنه ، ومن حديث معاذ رضي الله عنه .
ولذلك كان الناس يُسارعون إلى الصدقة ويُبادِرون إليها إذا نَزَل بهم ما يكرهون
، أو رأوا أسباب العذاب ومُقدِّماته .
11= في الحديث إشارة إلى جواز تغليظ الـنُّصْح ، وبيان سبب العذاب ، وأنّ
الذنوب هي من أعظم أسباب العذاب الدنيوي والأخروي .
وهذا بِخلاف ما يُريده أهل الغفلة ، حيث يُريدون أن يُترَكوا في غفلاتهم
لاَهُين سادِرُين سامِدُين !
12= قوله رضي الله عنه : " فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ " أي :
مِن أوْسَط النساء .
قال القاضي عياض : أصله من الوسط ... فَسَّرَه بعضهم أن معناه مِن عِلْيَة
النساء وخيارهم . اهـ .
وقال ابن الملقِّن : أصل هذه اللفظة من الوسط ، الذي هو الخيار .
قال النووي : الْمُرَاد اِمْرَأَة مِنْ وَسَط النِّسَاء ، جَالِسَة فِي
وَسَطهنَّ .
وجاء في بعض الروايات خِلاف ذلك ؛ ففي رواية ابن أبي شيبة : فقالت امرأة ليست
مِن عِلية النساء .
وفي رواية لأحمد والنسائي : فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سَفِلَةِ النِّسَاءِ
سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ .
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما : فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ .
رواه مسلم .
13= قوله : " سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ "
قال القاضي عياض : هو شحوب وسواد في الوجه .
وقال النووي : بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة ، أَيْ : فِيهَا تَغَيُّر
وَسَوَاد . اهـ .
14= هذا الحديث مما استدَلّ به من يقول بِجواز كشف المرأة لوجهها أمام الرجال
الأجانب .
وهل هذا الاستدلال وجيه ؟
الجواب : لا
أما لِمَاذا ؟
فلِورود عِدّة احتمالات ، منها :
1 – أن تكون أمَة لا يجب عليها الحجاب .
2 – أو يكون قبل نُزول الحجاب . وسبق النقل أن أوّل صلاة عيد صلاّها النبي صلى
الله عليه وسلم كانت في السنة الثانية من الهجرة ، بينما فُرِض الحجاب في السنة
الرابعة أو الخامسة .
قال ابن حجر : وَالْحِجَاب كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَة سَنَة أَرْبَع عِنْد
جَمَاعَة . اهـ .
فَعَلى هذا تكون مشروعية صلاة العيد مُتقدِّمَة على نُزول آية الحجاب ،
فيُحتمَل أن تكون هذه القصة قبل نُزول الحجاب .
3 – أن تكون تلك المرأة من القواعد من النساء .
4 – احتمال أن يكون ذلك ذُكِر لِجابر رضي الله عنه ، فلم يكن شَهِد موعظة النبي
صلى الله عليه وسلم للنساء ، لأن جابر قال في حديثه : ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا
عَلَى بِلالٍ . فيُحتمل أن تكون امرأة من أهله ذَكَرت ذلك له .
5 – يُحتمَل أن تكون الرواية في رؤية المرأة مرويّ عن ابن عباس رضي الله عنهما
، فإنه قال عن شُهودِه العيد: وَلَوْلا مَكَانِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ ،
يَعْنِي مِنْ صِغَرِهِ . رواه البخاري ومسلم . فهو قد شَهِد العيد صغيرا .
وعلى كلّ حال فلا تُترك النصوص الصحيحة الصريحة الآمرة بالحجاب لأجل احتمالات
مثل هذه الاحتمالات!
14= مشروعية سؤال الواعظ والْمُذَكّر والعالِم عمّا يُشكِل على السامع ، وذلك
مأخوذ من سؤال المرأة : فَقَالَتْ : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
15= " تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ "
قال النووي : هُوَ بِفَتْحِ الشِّين ، أَيْ : الشَّكْوَى .
وإكثار الشكوى سبب للتسخّط .
ولذلك لَمَّا زار إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ابنه إسماعيل عليه الصلاة
والسلام فلم يجده ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ ، فَقَالَتْ : خَرَجَ
يَبْتَغِي لَنَا ، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ
: نَحْنُ بِشَرٍّ ! نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ . قَالَ :
فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلامَ ، وَقُولِي لَهُ
يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ
شَيْئًا فَقَالَ : هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، جَاءَنَا
شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، وَسَأَلَنِي
كَيْفَ عَيْشُنَا ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ . قَالَ :
فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ
عَلَيْكَ السَّلامَ ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ ! قَالَ : ذَاكِ
أَبِي ، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ ،
فَطَلَّقَهَا ، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى ، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ
مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَدَخَلَ عَلَى
امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا . قَالَ :
كَيْفَ أَنْتُمْ ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ :
نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ : مَا
طَعَامُكُمْ ؟ قَالَتْ : اللَّحْمُ ، قَالَ : فَمَا شَرَابُكُمْ ؟ قَالَتْ :
الْمَاءُ ، قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ . قالَ
: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلامَ ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ
عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ : هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ
أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ ، وَأَثْنَتْ
عَلَيْهِ ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا
، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ . قَالَ : فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ :
نَعَمْ ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ
عَتَبَةَ بَابِكَ . قَالَ : ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ ، أَمَرَنِي أَنْ
أُمْسِكَكِ . رواه البخاري .
فالمرأة التي تُكثر الشكاية لا يُوصى بإمساكها !
16= " تَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ " قال أبو عُبيد : العشير يعني الزوج، سُمِّي
عَشِيرًا ؛ لأنه يُعاشرها وتُعَاشِره . اهـ .
قَالَ أَهْل اللُّغَة : يُقَال : هُوَ الْعَشِير الْمُعَاشِر وَالْمُخَالِط ،
وَحَمَلَهُ الأَكْثَرُونَ هُنَا عَلَى الزَّوْج . قاله النووي .
وجاء كُفران العشير مُبَيَّنًا في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُرِيتُ النَّارَ
فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ ؛ يَكْفُرْنَ . قِيلَ : أَيَكْفُرْنَ
بِاللَّهِ ؟ قَالَ : يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ ، لَوْ
أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ
: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ! رواه البخاري ومسلم .
وكما أن كُفران العشير سبب لِدخول النار ، فإن إحسان التبعّل سبب لِدخول الجنة
، وفي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : إذا صَلَّت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحَفِظَت فَرْجَها ، وأطاعت
زوجها ، قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت . رواه الإمام أحمد .
ولَمَّا أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ في حاجة فَفَرَغَتْ مِن حاجتها
قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أذات زوج أنت ؟ قالت : نعم . قال : كيف أنت
له ؟ قالت : ما ألوه إلا ما عجزت عنه . قال : فانظري أين أنت منه ، فإنما هو
جَنَّتُك ونَارُك . رواه الإمام أحمد والنسائي في الكبرى .
وقال عليه الصلاة والسلام : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن
تسجد لزوجها ، ولا تُؤدِّي المرأة حق الله عز وجل عليها كُلّه حتى تُؤدِّي حَقّ
زوجها عليها كله ، حتى لو سألها نفسها وهى على ظهر قَتب لأعطته إياه . رواه
الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
وهذا يُبيِّن عِظَم حقّ الزوج على زوجته ، وأن حقّه عليها أعظم من حقِّها عليه
.
قال الماوردي : له رفع العقد دونها ، ويلزمها إجابته إلى الفراش ، ولا يلزمه
إجابتها . اهـ .
17= هل فيه تنقّص للمرأة ؟
الجواب : لا
لأن الإخبار أن النساء أكثر أهل النار له سبب ، وقد بيّنه النبي صلى الله عليه
وسلم ، وهو أنهن يُكثرن اللعن ويكفُرن العشير ، وهذا في حق من توجَد فيها هذه
الصفة ، ولا يعني أنه لا يُوجد في النساء من تحفظ المعروف وتعرف حقّ العشير ،
ولا يجري اللعن على لسانها .
وكما أن النساء أكثر أهل النار ، فكذلك هُنّ أكثر أهل الجنة .
18= إطلاق وصف الكُفر على كُفران النعمة ، وهو كُفر أصغر ، والكُفر الأصغر أكبر
من الكبائر ، كما بيّنه العلماء . فيجب على النساء الحذر من كُفران العشير .
19= الْحُلِيّ : بِضَمّ الحاء وكسرها ، والضمّ أشهر .
قال ابن الأثير : الحَلْيُ اسم لكل ما يُتَزيَّن به من مَصاغ الذهب والفِضَّة ،
والجمعُ حُلِيٌّ بالضم والكسر . وجمع الحِلْيَة حِلًى ، مثل لِحْيَة ولِحًى ،
وربَّما ضُمَّ . اهـ .
20= في الحديث " مُبَادَرَة تِلْكَ النِّسْوَة إِلَى الصَّدَقَةِ بِمَا يَعِزُّ
عَلَيْهِنَّ مِنْ حُلِيِّهِنَّ مَعَ ضِيقِ الْحَالِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ،
دَلالَةٌ عَلَى رَفِيعِ مَقَامِهِنَّ فِي الدِّينِ وَحِرْصِهِنَّ عَلَى
اِمْتِثَالِ أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ
عَنْهُنَّ". قاله ابن حجر .
21= الأقراط : كل ما عُلِّق بِشحمة الأذن .
قال ابن الأثير : القُرْط : نَوْع من حُلِيِّ الأذُن معروف ، ويُجْمع على
أقْراط وقِرَطة وأقْرِطة . اهـ .
قَالَ اِبْن دُرَيْدٍ : كُلّ مَا عُلِّقَ مِنْ شَحْمَة الْأُذُن فَهُوَ قُرْط
سَوَاء كَانَ مِنْ ذَهَب أَوْ خَرَز . نقله النووي .
22= في الحديث جواز تخريم الأذان ؛ لأنه كان معروفا عندهم .
23= الخواتيم :
قال النووي : الْخَوَاتِيم جَمْع خَاتَم ، وَفِيهِ أَرْبَع لُغَات : فَتْح
التَّاء وَكَسْرهَا ، وَخَاتَام وَخَيْتَام . اهـ .
24= وفي الحديث جواز التصدّق بالشيء المستعمل إذا كان له قيمة ، أو كان مما
يحتاجه الناس .
وفي حديث جرير رضي الله عنه قوله عليه الصلاة والسلام : " تَصَدَّقَ رَجُلٌ
مِنْ دِينَارِهِ ، مِنْ دِرْهَمِهِ ، مِنْ ثَوْبِهِ" رواه مسلم .
25= جواز جَمْع الصدقات في المسجد للحاجة ، وحديث جرير رضي الله عنه صريح في
ذلك ، وهو مُخرّج في صحيح مسلم ، وفيه : ثُمَّ خَطَبَ فَقَال : ( يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) إِلَى
آخِرِ الآيَةِ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) ، وَالآيَةَ الَّتِي
فِي الْحَشْرِ (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
وَاتَّقُوا اللَّهَ) ، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ ، مِنْ دِرْهَمِهِ ،
مِنْ ثَوْبِهِ ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ ، حَتَّى قَالَ :
وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. قَال : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ
كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا ، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ ، قَال : ثُمَّ
تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ .
26= جواز تصدّق المرأة من مالها ، وهو بِخلاف التصرّف العام في مالها .
قال النووي : وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز صَدَقَة الْمَرْأَة مِنْ مَالهَا
بِغَيْرِ إِذْن زَوْجهَا وَلا يَتَوَقَّف ذَلِكَ عَلَى ثُلُث مَالهَا ، هَذَا
مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور ، وَقَالَ مَالِك : لا يَجُوز الزِّيَادَة
عَلَى ثُلُث مَالهَا إِلاَّ بِرِضَاءِ زَوْجهَا . اهـ .
وفي الأحاديث مَنْع المرأة من التصرّف في مالها إذا مَلَك الزوج عصمتها .
قال عليه الصلاة والسلام : لا يجوز لامرأة أمْر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها
. رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، وصححه الألباني .
وفي رواية :
إذا ملك الرجل المرأة لم تجز عطيتها إلاَّ بإذنه . رواه أبو داود الطيالسي
والبيهقي في الكبرى ، وحسنه الألباني .
ولَمَّا سُئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي النساء خير ؟ قال : التي تسرّه إذا
نظر، و تطيعه إذا أمر ، و لا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يَكره . رواه
الإمام أحمد والنسائي .
وقوله عليه الصلاة والسلام : ليس للمرأة أن تنتهك شيئا من مالها إلا بإذن زوجها
. رواه الطبراني .
وهذا الحديث أورده الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة ثم قال :
وهذا الحديث يدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تتصرف بمالها الخاص بها إلا بإذن
زوجها ، وذلك من تمام القوامة التي جعلها ربنا تبارك وتعالى له عليها ، ولكن لا
ينبغي للزوج – إذا كان مُسلماً صادقاً – أن يستغل هذا الحكم فيُجبر زوجته
ويمنعها من التصرّف في مالها فيما لا ضير عليهما منه ، وما أشبه هذا الحق
بِحَقّ وليّ البنت التي لا يجوز لها أن تُزوّج نفسها بدون إذن وليّها ، فإذا
أعضلها رَفَعت الأمر إلى القاضي الشرعي ليُنصفها، وكذلك الـحُـكم في مال المرأة
إذا جَارَ عليها زوجها فمنعها من التصرّف في مالها ، فالقاضي يُنصفها أيضا .
فلا إشكال على الْحُكم نفسه ، وإنما الإشكال في سوء التصرف به . اهـ .
27= تأخّر النساء إذا حَضَرْن صلاة الرِّجَال أو مَجَامِعهم يَكُنّ بِمعزل عنهم
خوفا من فِتنة ، أو نَظرة ، أو فِكر ونحوه . قاله ابن الملقِّن .
فإذا كان هذا في مواسم الخيرات والأعياد الشرعية والعبادات ، فكيف بغيره من
أماكن الفتنة ، كالأسواق والمدارس ؟!
28= لا سُـنَّـة قَبلية للعيد ، فلا يُصلَّى قبلها ولا بعدها ، ولا تحيّة
لِمُصلَّى العيد .
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما : صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ
يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلا بَعْدَهَا . رواه البخاري ومسلم .
والله أعلم .