|
ح 127
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم صلاة بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ ( إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ ) إلاَّ يَقُولُ فِيهَا : سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ,
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي .
وَفِي لَفْظٍ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ
يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا
وَبِحَمْدِكَ , اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي .
في الحديث مسائل :
1=
في رواية للبخاري ومسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثِر أن يقول في
ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي . يتأوّل القرآن .
ومعنى يتأوّل القرآن : أي يفعل ما أُمِرَ بِهِ في قول الله عز وجل : (فَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) . قاله النووي .
2=
سبب قوله صلى الله عليه وسلم ذلك :
قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثِر من قول : سبحان الله
وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه . قالت : فقلت : يا رسول الله أراك تُكثِر من
قول : سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه ، فقال : خبّرني ربي أني سأرى
علامة في أمتي ، فإذا رأيتها أكثرتُ من قول : سبحان الله وبحمده أستغفر الله
وأتوب إليه فقد رأيتها : (إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) فتح مكة ،
(وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ
بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) .
3=
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر الدعاء في السجود ، فقد كان يقول في
سجوده :
اللهم اغفر لي ذنبي كلَّه ، دِقَّـه وجِلَّه ، وأولَه وآخرَه ، وعلانيتَه
وسرَّه . رواه مسلم .
لأن السجود من مظانّ إجابة الدعاء ، لقوله صلى الله عليه وسلم : وأما السجود
فاجتهدوا في الدعاء ، فَقَمِنٌ أن يُستجاب لكم . رواه مسلم .
ومعنى : قَمِن : أي حَرِيّ وقريب .
4=
كيف يُجمع بين دعائه صلى الله عليه وسلم في الركوع في هذا الحديث : " يُكْثِرُ
أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ " وبين قوله صلى الله عليه وسلم : فأما
الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل ؟
الجواب :
أن التعظيم يكون في الركوع أكثر ، ولا يَعني منع الدعاء في الركوع على الإطلاق
.
فإن الركوع موضع تعظيم أكثر من كونه موضع دعاء ، بخلاف السّجود ، فإنه موضع
دعاء أكثر من كونه موضع تعظيم .
ولا يَمنع تعظيم الرب في السُّجود ، والدعاء في الركوع ، مع اختصاص كل منهما
بما يختصّ به .
5=
هل هذا القول خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟
فالخطاب في السورة ، وحديث عائشة في سبب قوله صلى الله عليه وسلم لذلك هل يدلّ
على اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك القول ؟
الجواب :
هو عام ، لأن هذا مما شُرِع لأمته أن تقوله في الركوع ، وهذا ما فهمه الأئمة من
صنيعهم في إيراد هذا الحديث في أذكار الركوع والسجود .
والله تعالى أعلم .