|
ح 113
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -وَرِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ- فَإِذَا سَجَدَ
غَمَزَنِي , فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ ، وإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا ، وَالْبُيُوتُ
يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ .
في الحديث مسائل :
1=
هذا الحديث اعترضتْ به عائشة رضي الله عنها على ما حُدِّثَتْ به .
فقد روى البخاري ومسلم من طريق الأسود ومسروق عن عائشة أنه ذكر عندها ما يقطع
الصلاة : الكلب والحمار والمرأة . فقالت : شبهتمونا بالْحُمُر والكلاب ! والله
لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة
مضطجعة ، فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي النبي صلى الله عليه وسلم
فأنْسَلّ من عند رجليه .
فما الجواب على هذا الاعتراض ؟
الجواب :
1 – أن المرور بين يدي المصلِّي ليس كالاعتراض الموجود قبل صلاته .
2 – أنه جاء في روايات عن عائشة رضي الله عنها أن الذي يكون بيني يدي النبي صلى
الله عليه وسلم هو جزء منها ، كما في حديث الباب : " وَرِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ
" وفي رواية للبخاري : " كنت أمدّ رجلي في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم وهو
يُصلي ، فإذا سجد غمزني فرفعتها ، فإذا قام مددتها " .
وليس جزء الشيء كالشيء .
وليست يد الإنسان وَرِجْله مثل مروره بكامل جسده .
ومن هنا فإنه لو مدّ إنسان يده ليأخذ مصحف ، ومرّت يَده بين يدي المصلي لم
يُحكم لهذا الفعل بالمرور بيني يدي المصلي .
3 – أن الجمع بين المرأة والحمار والكلب ليس من باب التشبيه بين المذكورات في
الحديث ، وإنما هو للجامِع بينها في قَطع الصلاة .
وهذا الحديث قد اتّخذه أعداء الإسلام تِكأة في أن الإسلام أهان المرأة !
وليس الجمع بين هذه الثلاث من باب المساواة بين المذكورات .
فإن تحريم نكاح الأمهات والعمات والخالات ليس في درجة واحدة ، إذ حق الأم أعظم
، وهي أشد في التحريم .
كما أنك لو قلت : لا يَجوز أكل لحم الإنسان والخنزير والكلب ، لم يكن بينها
رائحة مساواة ، وغاية ما فيه تحريم أكلها .
4 – أن هذا لِضيق البيوت ، وهو مُصرّح به في الأحاديث الأخرى ، أعني ضيق حُجرته
صلى الله عليه وسلم وهو مفهوم هذا الحديث ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن
يجِد مُتسعاً لسجوده إلا بِقبض عائشة لرجليها .
2=
التفريق بين المرور بيني يدي المصلي وبين الاعتراض جاء في قول عائشة رضي الله
عنها .
روى البخاري من طريق عروة أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يصلي وهي بينه وبين القبلة على فراش أهله ، اعتراض الجنازة .
3=
بهذا تجتمع الأحاديث ، ولا تعارض بينها .
أي أنه يُفرّق بين الاعتراض وبين المرور بيني يدي المصلي .
4=
وهذا الفعل وَقع في النافلة دون الفريضة ، وهو غير مُتصوّر في الفريضة ، أي أن
المرأة تكون أمام الإمام في الفريضة ، إلا لمنفرد .
5=
جواز صلاة التطوّع خَلْف المرأة ، أي وهي نائمة ، وليس وراءها في الإمامة – كما
في مُضْحِكَات هذا العصر – !
قال الإمام البخاري : باب التطوع خلف المرأة .
ثم ساق حديث الباب .
6=
مس المرأة لا يَنقض الوضوء .
ويدل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَغمز عائشة رضي الله عنها إذا أراد
أن يسجد ، فيغمز رجلها .
7=
فائدة قولها : " وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ " لئلا
يَفهم أنه عليه الصلاة والسلام يَرى عائشة تمام الرؤية فيَغمز قدمها من وراء
الثوب ، وإنما يَدل على أن يتحسس الرِّجْل ثم يغمزها .
وهذا بخلاف حال المتنطّعين والمتكبّرين .
فصلاة الله وسلامه على رسوله محمد وعلى آله وأصحابه .
والله تعالى أعلم .