|
ح 109
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ – وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم – أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ
فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ , وَلَمْ يَجْلِسْ . فَقَامَ
النَّاسُ مَعَهُ , حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلاةَ , وَانْتَظَرَ النَّاسُ
تَسْلِيمَهُ : كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ . فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ
يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ .
في الحديث مسائل :
1=
الحديث السابق في سجود السهو عن الزيادة ، وذلك أنه زاد سلاما قبل تمام الصلاة
.
وفي هذا الحديث سبب ثان من أسباب سجود السهو ، وهو النقص .
2=
أسباب سجود السهو ثلاثة :
الزيادة ، والنقص ، والشك .
3=
الزيادة : يكون السجود فيها بعد السلام .
وقد دل عليه حديث الباب السابق .
وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم خمسا ، فقلنا : يا رسول الله أزيد في الصلاة ؟ قال : وما ذاك ؟ قالوا
: صليت خمسا . قال : إنما أنا بشر مثلكم أذكر كما تَذْكُرون ، وأنسى كما
تَنْسَون ، ثم سجد سجدتي السهو . رواه البخاري ومسلم .
النقص : يكون السجود فيه قبل السلام ، كما في حديث الباب .
لأن سجود السهو بمنْزِلة جبر النقص ، فيكون قبل السلام .
الشك : يكون السجود فيه بعد السلام .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : صلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال إبراهيم : لا
أدري زاد أو نقص - فلما سلم قيل له : يا رسول الله أحَدَثَ في الصلاة شيء ؟ قال
: وما ذاك ؟ قالوا : صليت كذا وكذا ، فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ،
ثم سلم ، فلما أقبل علينا بوجهه قال : إنه لو حَدَثَ في الصلاة شيء لنبأتكم به
، ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ، وإذا شكّ
أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ، ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين . رواه
البخاري ومسلم .
ويجوز أن يكون السجود عن الشك قبل السلام .
قال عليه الصلاة والسلام : إذا شك أحدكم في صلاته فلم يَدْرِ كم صلى ، ثلاثا أم
أربعا ، فليطرح الشك ، ولْيَبْنِ على ما استيقن ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم ،
فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته ، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيماً
للشيطان . رواه مسلم .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن
أحدكم إذا قام يُصلي جاء الشيطان فَلَـبّس عليه حتى لا يدري كم صلى ، فإذا وجد
ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس . رواه مسلم .
4=
هل يسجد للسهو لترك أمر مسنون ؟
الجواب : نعم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : لكل سهو سجدتان بعد ما يُسَلِّم .
رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه .
5=
لو جَعَل سجود السهو قبل السلام ، بحيث لا يسجد إلا قبل السلام ، فهل يجوز له
ذلك ؟
الجواب : نعم ، وهو خلاف الأولى ، أي أنه تَرَك الأفضل .
6=
إذا قام الإمام عن التشهد الأول ، فهل يَرجِع ؟
في المسند وغيره عن المغيرة بن شعبة قال : أمّـنَـا رسول الله صلى الله عليه
وسلم في الظهر أو العصر ، فقام ، فقلنا : سبحان الله ، فقال : سبحان الله ،
وأشار بيده ، يعني قوموا ، فقمنا ، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ، ثم قال :
إذا ذكر أحدكم قبل أن يستتم قائما فليجلس ، وإذا استتم قائما فلا يجلس .
وفي رواية لأحمد : إذا قام أحدكم فلم يستتم قائما فليجلس ، وإذا استتم قائما
فلا يجلس ، ويَسجد سجدتي السهو .
وهذا يعني أنه إذا استتم قائما فإنه لا يُسبّح به ، ويلزم المأموم أن يُتابِع
الإمام .
7=
إذا تكرر السهو . فهل يُكرر السجود ؟
الجواب : لا يُكرر السجود ، وإنما يكتفي بسجدتين عن سهوه في صلاته .
قال الشوكاني : أحسن ما يُستدل به لهذا أنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه
وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنهم كرّروا السجود لتكرّر السهو ، مع أن تكرر السهو
ممكن من كل مُصَلٍّ .
8=
لو ترك رُكنا من صلاته ، هل يَجبره سجود السهو ؟
الجواب : لا يَجبره سجود السهو ، ويلزمه أن يأتي بالركن الذي تَركه .
فإن سجود السهو يَجبر النقص في الواجبات والسهو في المستحبات ، ولا يجبر النقص
في الأركان .
والله تعالى أعلم .