|
ح 105
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ فَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ
, فَيَخْتِمُ بـ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا
ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ
يَصنَع ذَلِكَ ؟ فَسَأَلُوهُ . فَقَالَ : لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ عَزَّ
وَجَلَّ , فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : أَخْبِرُوهُ : أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّهُ .
في الحديث مسائل :
1=
جواز قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة .
2=
جواز الإخلال بترتيب السُّور في المصحف حال القراءة في الصلاة وفي خارجها ، حيث
إن من يقرأ ويختم بـ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " سوف يُخلّ بالترتيب ، سواء
في الركعة نفسها أو في الركعة التي تليها .
ويُفرِّق العلماء بين ترتيب الكتابة في المصحف وبين ترتيب القراءة .
قال الإمام النووي رحمه الله : ولو خالف الترتيب فقرأ سورة ثم قرأ التي قبلها ،
أو خالف المولاة فقرأ قبلها ما لا يليها جاز ، وكان تاركاً للأفضل ، وأما قراءة
السورة من آخرها إلى أولها فمتفقٌ على منعه وذمِّـه ؛ فإنه يُذهب بعض أنواع
الإعجاز، ويزيل حِكمة الترتيب . اهـ .
قال السيوطي رحمه الله :
فترتيب النـزول غير ترتيب التلاوة .
وسبق قول حذيفة رضي الله عنه : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة
فافتتح البقرة فقلت : يركع عند المائة ، ثم مضى ، فقلت يصلي بها في ركعة ، فمضى
فقلت يركع بها ، ثم افتتح النساء فقرأها ، ثم افتتح آل عمران فقرأها . رواه
مسلم .
3=
فيه أن للمسلم أن يُحب بعض سور القرآن ، ويُردّدها أكثر من غيرها .
فقد يجد المسلم من نفسه أنه يُحب سورة من سور القرآن ، ويُكثر من قراءتها فلا
حَرَج في ذلك .
وهذا الرجل الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم قال : فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ
أَقْرَأَ بِهَا . وأقرّه النبي صلى الله عليه وسلم .
4=
فضل سورة الإخلاص .
فعن أبي سعيد الخدري أن رجلا سمع رجلا يقرأ " قل هو الله أحد " يُرددها ، فلما
أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له - وكأن الرجل
يَتَقَالَّها - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنها
لتعدل ثلث القرآن . رواه البخاري .
وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال أيعجز أحدكم أن يقرأ في
ليلة ثلث القرآن ؟ قالوا : وكيف يقرأ ثلث القرآن ؟ قال : قل هو الله أحد تعدل
ثلث القرآن . رواه مسلم .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احشدوا فإني سأقرأ
عليكم ثلث القرآن . فحشد من حشد ، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقرأ "
قل هو الله أحد " ثم دخل فقال بعضنا لبعض : إني أرى هذا خبر جاءه من السماء ،
فذاك الذي أدخله ، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني قلت لكم
سأقرأ عليكم ثلث القرآن ، ألا إنها تعدل ثلث القرآن . رواه مسلم .
5=
تَضَمُّن هذه السورة لصفات الله عز وجل .
وفي الحديث دليل لأهل السنة على إثبات صفات الله عز وجل ، وأنه مذهب الصحابة
رضي الله عنهم ، وقد أقرّهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك .
6=
فيه الاستفصال قبل الإنكار فيما يسوغ فيه الخلاف " سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ
يَصنَع ذَلِكَ ؟ " وهذا في المسائل التي يسوغ فيها الخلاف ، وليس في إنكار
المنكر .
والله تعالى أعلم .