شرح أحاديث عمدة
الأحكام
الحديث الـ 97 في الصلاة في النعال
عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم
ح 97
عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَال : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ
مَالِكٍ : أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟
قَالَ : نَعَمْ .
في الحديث مسائل :
1=
أن السنة الصلاة في النِّعَال ، لهذا الحديث ولقوله صلى الله عليه وسلم : إذا
جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما
. رواه أبو داود .
2=
أن تطبيق هذه السُّـنَّـة في المساجد بشرطين :
الأول : أن لا يكون في النّعلين أذى .
ودليل ذلك :
أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى بأصحابه فخلع نعليه فوضعهما عن يساره ،
فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلاته قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ قالوا : رأيناك ألقيت نعليك فألقينا
نعالنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جبريل صلى الله عليه وسلم
أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
الثاني : أن لا يكون هناك فُرُش تُمسك الأوساخ وتَعلَق بها روائح الأحذية .
ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذِ بهما
أحداً ، ليجعلهما بين رجليه أو ليصل فيهما . رواه أبو داود .
ويُقال مثل ذلك في الجوارب التي يكون بها روائح كريهة تؤذي المصلِّين إذا
سَجَدوا ، فإنه إذا كان بها روائح يتأذى بها الناس فيجب إزالة ما يؤذي الناس .
3=
إذا خَلَع نعليه في الصلاة فأين يضعهما ؟
يضعهما عن يساره إذا لم يكن عن يساره أحد ، فإن كان عن يساره أحد فليضع نعليه
بين رجليه .
ففي الحديث السابق : إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذِ بهما أحداً ، ليجعلهما
بين رجليه أو ليصل فيهما . رواه أبو داود .
وفي الحديث الآخر : إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون
عن يمين غيره إلا أن لا يكون عن يساره أحد ، وليضعهما بين رجليه . رواه أبو
داود .
وما يَفعله كثير من الناس في أطهر البقاع مُخالِف لهذا الأمر النبوي ، فإنك ترى
كثيرا من الناس إذا أراد أن يُصلي في الحرم المكي وَضَع نعليه أمامه ، ثم
يتقدّم فتكون أمام غيره .
وفي هذا امتهان لأطهر البِقاع ، وامتهان لكرامة المؤمن الذي كرّمه الله ، فيأتي
من يأتي فيضع نعاله أمام المصلين ، وربما كانت قريبة جدا منهم في السجود ، بل
إنها تُضايق أحياناً المصلين .
وفاعل ذلك آثم بِفِعله خاصة إذا كانت تلك الأحذية مُبلّلة أو تَحْمِل القَذَر .
4=
سبب الصلاة في الـنَّعال .
مُخالَفة اليهود .
قال صلى الله عليه وسلم : خالِفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم
. رواه أبو داود .
5=
هذا الأمر ليس للوجوب ، والذي صَرَفَه عن الوجوب ما رواه أحمد وأبو داود وابن
ماجه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يصلي حافيا ومنتعلا .
وما تقدّم من قوله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذِ
بهما أحداً .
6=
الصلاة بالنّعال مقياس لاختبار الوسوسة !
قال العلامة صدّيق حسن خان في كلام له عن تطهير الـنّـعل بالمسح بالأرض :
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لما عَلِم حدوث الشكوك في الطهارات فيما يأتي
من الزمان ، وأطلعه الله على ما يأتي به المصابون بالوسوسة من التأويلات التي
ليس لها في الشريعة أساس : أوضح هذا المعنى إيضاحاً يَنْهَدِم عنده كل ما
بَـنَوه على قنطرة الشك والخيال ، فقال :
" إذا جاء أحدكم المسجد ؛ فلينظر نعليه ، فإن كان فيها خبث فليمسحه بالأرض ، ثم
ليُصلّ فيهما .
ولفظ أحمد وأبي داود : إذا جاء أحدكم المسجد ؛ فليقلب نعليه ولينظر فيهما ، فإن
رأى خبثاً فليمسحه بالأرض ، ثم ليُصلّ فيهما " .
فانظر هذه العبارة الهادمة لكل شكّ ، فإنه – أولاً – بيّن لهم أنهم إذا وجدوا
النجاسة في النعلين وجوداً مُحققاً ؛ فعلوا المسح بالأرض ، ثم أمَرَهم بالصلاة
في النعلين ليعلموا بأن هذه هي الطهارة التي تجوز الصلاة بعدها . اهـ