شرح أحاديث عمدة
الأحكام
الحديث الـ 94 في تمام صلاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم مع أمره بالتخفيف
عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم
ح 94
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : مَا صَلَّيْتُ وراء إمَامٍ
قَطُّ أَخَفَّ صَلاةً ، وَلا أَتَمَّ صّلاةً مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
.
في الحديث مسائل :
1=
تقدّم الكلام على أمره صلى الله عليه وسلم بالتخفيف ، وأنه مع ذلك كان يُطيل في
بعض الأحيان ، وأن الأمر بالتخفيف في مُقابِل التطويل الذي يشقّ على الناس .
2=
التخفيف لا يعني الإخلال بالصلاة من حيث أركانها وواجباتها بل وسُننها .
فقد جاء الحث على المحافظة على ركوعها وسُجودها ، فمن ذلك :
قوله عليه الصلاة والسلام : لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع
والسجود . رواه أبو داود وابن ماجه .
وفي حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعاً : لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه
بين ركوعه وسجوده .
وقوله عليه الصلاة والسلام : أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته . قالوا : يا
رسول الله وكيف يسرق من صلاته ؟ قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها ، أو قال : لا
يُقيم صلبه في الركوع والسجود . رواه الإمام أحمد .
وقوله عليه الصلاة والسلام : من حافظ على الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ووضوئهن
ومواقيتهن ، وعلم أنهن حق من عند الله دخل الجنة ، أو قال وَجَبَتْ له الجنة .
رواه الإمام أحمد .
وفي رواية له : قال من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئها ومواقيتها وركوعها
وسجودها يراها حقا لله عليه حُرِّمَ على النار .
3=
جَمْعُه صلى الله عليه وسلم بين التخفيف والتمام والْمُقارَبة بين أركان الصلاة
.
روى مسلم من طريق ثابت عن أنس قال : ما صَلَّيتُ خَلْفَ أحَدٍ أوجزَ صلاة من
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام ؛ كانت صلاة رسول الله صلى الله
عليه وسلم مُتقارِبة ، وكانت صلاة أبي بكر متقاربة ، فلما كان عمر بن الخطاب
مَـدّ في صلاة الفجر ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : " سمع الله
لمن حمده " قام حتى نقول : قد أوْهَم ، ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول :
قد أوهم .
4=
في هذا الحديث رد على من تمسّك بظاهر الأمر بالتخفيف ، فإن الذي أمر بالتخفيف
عليه الصلاة والسلام كان يُتمّ صلاته ، ولم يُـرَ أحسن منها .
والله تعالى أعلم .