|
ح 89
عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ : عَلَى الْجَبْهَةِ -
وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ , وَالرُّكْبَتَيْنِ ,
وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ .
في الحديث مسائل :
1=
قوله صلى الله عليه وسلم : " أُمِرْتُ " الآمر له هو الله تبارك وتعالى ،
والأمر له عليه الصلاة والسلام أمْرٌ لأمّتِـه .
2=
وُجوب السجود على الأعضاء السبعة .
3=
إذا سَجد على بعض هذه الأعضاء ، هل يصحّ سجوده ؟
قال القرطبي : واختلف العلماء فيمن وضع جبهته في السجود دون أنفه ، أو أنفه دون
جبهته ؛ فقال مالك يسجد على جبهته وأنفه ، وبِهِ قال الثوري وأحمد ، وهو قول
النخعي . قال أحمد : لا يُجزئه السجود على أحدهما دون الآخر ، وبه قال أبو
خيثمة وأبن أبي شيبة . قال إسحاق : إن سجد على أحدهما دون الآخر فصلاته فاسدة .
وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وروي عن أبن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة وعبد
الرحمن بن أبي ليلى كلهم أمر بالسجود على الأنف . وقالت طائفة : يُجزئ أن يسجد
على جبهته دون أنفه ، هذا قول عطاء وطاوس وعكرمة وابن سيرين والحسن البصري ،
وبه قال الشافعي وأبو ثور ويعقوب ومحمد . قال ابن المنذر : وقال قائل إن وضع
جبهته ولم يضع أنفه ، أو وضع أنفه ولم يضع جبهته فقد أساء وصلاته تامة ، هذا
قول النعمان . قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا سبقه إلى هذا القول ، ولا تابعه
عليه .
ثم قال القرطبي : قلت : الصحيح في السجود وضع الجبهة والأنف . اهـ .
4=
التنبيه على عدم صحة سجود من يسجد على طرف شماغه أو طرف عقاله دون أن يُمكِّن
جبهته من الأرض .
فإن قيل : النبي صلى الله عليه وسلم سَجَد على كُور العمامة ؟
فالجواب : أن الذي يسجد على عمامة يُمكِّن جبهته أو عمامته بخلاف من يسجد على
طَرَف العقال .
ثم إن الذي يسجد على طرف العقال فيه معنى آخر وهو تكبّره أحيانا عن السجود على
الأرض .
5=
لو رفع الْمُصلِّي قدميه . هل تصح صلاته ؟
لا تصحّ صلاته لأنه ترك واجباً ، فإن كان جاهلا فقد أساء ، وإن كان عالما وفعله
عمدا طيلة السجود بَطَلتْ صلاته .
6=
أطراف القدمين : المقصود به الأصابع ، والسنة أن يَرصّ عقبيه ، وهي العراقيب
لتكون بطون الأصابع نحو الأرض ، وأطراف الأصابع نحو القِبلة ، وبهذا يُمكِّن
جبهته من السّجود ، فإنه إذا ضغط قدميه تمكّنت جبهته
7=
هذا الأمر بالسجود على هذه الأعضاء السبعة يُفسِّر ويُوضِّح النهي عن افتراش
كافتراش السّبع ، وهو أن الافتراش يُخالف تمكين الأعضاء من السجود ، فإن
الْمُصلِّي إذا افترش يديه ووضعهما على الأرض لم يُمكِّن جبهته ، لأنه مُعتمد
على يديه ، ولن يُمكِّن يديه لأن الاتِّكاء سيكون على المرفقين والذراعين ، ولن
يَرصّ عَقِبَيه لأنه مُعتمد على يديه .
والله تعالى أعلم .