1 =
لما فَرَغ المصنِّف رحمه الله من باب الأذان أعقبه بـ " باب استقبال القبلة "
ثم تلاه بـ " باب الصفوف " ثم عَقَدَ هذا الباب ، وهو باب الإمامة .
وهذا ترتيب منطقي جميل ، إذ لا صلاة إلا بعد دخول الوقت ويُعلم دخول الوقت
بالأذان ، والصلاة لا بُدّ فيها من اتِّجاه إلى القبلة ، وإذا كانوا جماعة
فيحتاجون إلى تسوية صفوف ، ولا يكون الإمام إلا بجماعة .
2 =
ما معنى الإمامـة ؟
قال ابن منظور في لسان العرب : و أمّ القوم و أمّ بهم تقدمهم ، وهي الإمامة ،
والإمام كل من ائتم به قوم كانوا على الصراط المسقيم أو كانوا ضالين . اهـ .
وتُطلق على الولاية الكبرى ، وهي الإمامة العُظمى ، أي ولاية أمر المسلمين ،
لأن الإمام يتقدّم الناس ، سواء في الصلاة أو في القتال أو في غيرها ، ولذلك
قال عليه الصلاة والسلام : إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به . رواه
البخاري ومسلم .
ومن هذا الباب كان النبي صلى الله عليه وسلم يتقدّم الصفوف .
قال البراء رضي الله عنه : كُنا والله إذا احمرّ البأس نتّقي به ، وإن الشجاع
مِنا للذي يُحاذي به ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم .
وهذا القول يقوله رجل من أشجع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ،
وهو البراء الذي كان يُلقّب بـ " الْمَهلَكة " .
ذَكَر ابن عبد البر في الاستيعاب عن ابن سيرين أنه قال : كَتَبَ عمر بن الخطاب
رضي الله عنه ألا تستعملوا البراء بن مالك على جيش من جيوش المسلمين فإنه مهلكة
من المهالك يقدم بهم .
وتُطلق على إمامة الْمُصلِّين ، وهي بالنسبة للأئمة تكليف ، ولذا قال عليه
الصلاة والسلام : المؤذنون أمناء ، والأئمة ضمناء ، اللهم اغفر للمؤذنين ، وسدد
الأئمة . رواه ابن خزيمة وغيره .
وقال عليه الصلاة والسلام عن الأئمة : يُصَلُّون لكم ، فإن أصابوا فلكم ، وإن
أخطأوا فلكم وعليهم . رواه البخاري .
وفي رواية عند الإمام أحمد : يُصَلُّون بكم ، فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن
أخطأوا فلكم وعليهم .