شرح أحاديث عمدة
الأحكام
الحديث الـ 71 في الترديد خَلْف
المؤذِّن
عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم
ح 71
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا
سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول المؤذِّن .
في الحديث مسائل :
1 =
رواية البخاري ومسلم لحديث الباب بلفظ : إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول
المؤذن .
2 = استحباب رفع المؤذِّن صوته بالنداء
؛ لأن مقصود الأذان إعلام الناس وإبلاغهم ، ولأن ما يسمع صوت المؤذِّن يشهد له
.
فقد روى البخاري من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري أن أبا
سعيد الخدري قال له : إني أراك تحب الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك أو
باديتك فأذّنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء ، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن
ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة . قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله
صلى الله عليه وسلم .
3 = فضل التأذين :
1 – يشهد له كل ما يسمع صوته .
2 – أن المؤذنين قدوة في ذلك إذ يُردد الناس خلفهم .
3 – طول أعناق المؤذنين لقوله عليه الصلاة والسلام : المؤذنون أطول الناس
أعناقا يوم القيامة. رواه مسلم .
4 – أن من أذّن محتسبا ثنتي عشرة سنة وَجَبت له الجنة .
اقوله عليه الصلاة والسلام : من أذن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة ، وكتب له
بتأذينه في كل يوم ستون حسنة ، ولكل إقامة ثلاثون حسنة . رواه ابن ماجه ، وصححه
الألباني .
ولما كان هذا الفضل للمؤذنين شُرِع للناس أن يُشاركوهم في هذا الفضل في الترديد
خلف المؤذِّن .
5 – أن المؤذّنين يدعون الناس إلى فعل الخيرات .
قالت عائشة رضي الله عنها : نزلت هذه الآية في المؤذنين قوله تعالى : ( ومن
أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) .
6 – أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمؤذِّنين بالمغفرة ، فقال عليه الصلاة
والسلام : اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين . رواه الإمام أحمد وأبو داود
والترمذي .
وروى بيان وإسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : قال عمر رضي الله عنه
: لو كنت أطيق الأذان مع الخلافة لأذّنت . رواه ابن أبي شيبة .
4 = لفظ حديث الباب عام في أنه يقول مثل ما يقول المؤذِّن ، فهل هو على عمومه ؟
حديث الباب عام وهو مخصوص بحديث عمر عند مسلم قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر ، فقال أحدكم : الله أكبر
الله أكبر ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله
، ثم قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، ثم قال
: حي على الصلاة قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : حي على الفلاح ،
قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : الله أكبر الله أكبر ، قال : الله
أكبر الله أكبر ، ثم قال : لا إله إلا الله قال : لا إله إلا الله من قلبه دخل
الجنة .
وجاء مثله عن معاوية رضي الله عنه كما عند البخاري .
5 = يُستحب أن يُردد عقب انتهاء
المؤذِّن للتعقيب بالفاء : فقولوا مثل ما يقول ، وهذا كقوله : فإذا كبّر
فكبِّروا .
6 = ماذا يقول إذا فرغ المؤذِّن ؟
عند مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول : إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول : ثم صلوا علي ، فإنه من صلى عليّ
صلاة صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منـزلة في الجنة
لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة
حلّت له الشفاعة .
وعند البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة
القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ؛ حلّت له
شفاعتي يوم القيامة .
وعند مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال : من قال حين يسمع المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأن محمدا عبده ورسوله ، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا ،
غُفِر له ذنبه .
7 = الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام
: " إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول المؤذِّن " للندب وليس للوجوب ، فمن
ردد خلف المؤذِّن فإنه يؤجر ، ومن لم يُردِّد خلف المؤذِّن فإنه لا يأثم .
8 = من كان في المسجد هل يقول ( لا حول
ولا قوة إلا بالله ) ؟
لأن المؤذِّن إذا قال : حي على الصلاة ، فإن من سمعه يقول : لا حول ولا قوة إلا
بالله ، أي أنه يتبرأ من حوله وقوته إلى حول الله وقوته ، ويستوي في ذلك من يجب
عليه إجابة النداء ، ومن لا يجب عليه كالمرأة والمعذور .
ولذلك فإن من كان في المسجد وقت الأذان فإنه يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ،
إذا قال المؤذِّن : حي على الصلاة حي على الفلاح .
والله تعالى أعلم .