ح 58
ولمسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان .
في الحديث مسائل :
1 =
في الحديث قصة ، فقد روى مسلم عن ابن أبي عتيق قال : تحدثت أنا والقاسم عند
عائشة رضي الله عنها حديثا ، وكان القاسم رجلا لحّانة ، وكان لأم ولد ، فقالت
له عائشة : ما لك لا تحدث كما يتحدث ابن أخي هذا ؟ أما إني قد علمت من أين أتيت
هذا ، أدبته أمه ، وأنت أدّبتك أمك . قال : فغضب القاسم ، وأضب عليها ، فلما
رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام . قالت : أين ؟ قال : أصلي . قالت : اجلس . قال
: إني أصلي . قالت : اجلس غُدر ! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان .
2 =
قال الأُبِّـي في إكمال إكمال الْمُعلِم :
قوله : "ولا هو يُدافعه الأخبثان " أي البول والغائط .
وخرّجه شارع المصابيح على وجهين : أحدهما :
أن الأولى لنفي الجنس وبحضرة الطعام خبرها ، والثانية زائدة للتأكيد ، والواو
عُطِفت على الجملة ، وهو مبتدأ ، ويُدافعه : الخبر ، وفي الكلام حذف والتقدير :
ولا صلاة حين هو يدافعه الأخبثان .
والثاني أن تكون (لا) حُذِف اسمها وخبرها ، وقوله : (وهو يدافعه ) حال ، أي :
ولا صلاة لِمُصَلٍّ وهو يدافعه الأخبثان .
قال القاضي عياض : وهو مثل نهيه عن صلاة الحاقن وذلك لشغله بها ، ثم اختُلِف
فقال مالك : إنْ شَغَلَه ذلك فأحبّ إليّ أن يعيد أبدا ، و اختَلَف أصحابه في
معنى شَغَلَه ، فقيل : معناه أن يَعْجَل لأجله ، وتأوّل بعض أصحابه معنى
شَغَلَه أن يصلي ولا يدري كيف صلى ، وأما إنْ شَغَلَه ولم يَمْنعه من إقامة
حدودها وصلاّها ضامّـاً لِوَرْكيه فهذا يُعيد في الوقت . وقال أبو حنيفة
والشافعي : لا إعادة عليه . وكّلهم مُجمِع على أنه إنْ بَلَغ به ما لا يعقل معه
ويضبط حدودها أنه لا يُجزيه ، ويقطع الصلاة ، ولا يدخلها على تلك الحال . انتهى
كلامه رحمه الله .
3 =
سبق التفصيل في هذه المسألة في شرح الحديث الـ 57 وفيه إنه إذا أُمِـن التشويش
صحّت الصلاة ولا إعادة .
والله تعالى أعلم .