شرح أحاديث عمدة
الأحكام
ح 57 في الصلاة عند
حضور الطعام
عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم
ح 57
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أقيمت الصلاة
وحضر العَشاء فابدؤوا بالعَشاء .
وعن ابن عمر نحوه .
في الحديث مسائل :
1 =
من روايات الحديث :
في رواية للبخاري : إذا وُضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء .
وفي حديث أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قُدِّم
العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم . رواه
البخاري ومسلم .
وفي حديث أنس هذا التنصيص على أن المقصود بالصلاة هي صلاة المغرب .
وحديث ابن عمر الذي أشار إليه المصنف رواه البخاري ومسلم مختَصراً بلفظ :
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وُضِع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة
فابدؤوا بالعشاء ، ولا يعجل حتى يفرغ منه . وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام
الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ ، وإنه ليسمع قراءة الإمام .
2 =
لماذا يُقدَّم الطعام هنا على الصلاة ؟
لأجل أن يُصلي وهو حاضر القلب .
قال الإمام البخاري :
باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة ، وكان ابن عمر يبدأ بالعشاء ، وقال أبو
الدرداء : مِنْ فقه المرء إقباله على حاجته حتى يُقبل على صلاته وقلبه فارغ .
3 =
هل حضور الطعام عُذر في التخلّف عن صلاة الجماعة ؟
حضور الطعام ليس عُذرا في التخلّف عن صلاة الجماعة ، وإنما يُرخّص لمن كانت
نفسه تتوق إلى الطعام ، كأن يكون جائعا ويوضع الطعام ، لا أنه يتعمّد وضع
الطعام عند الإقامة ، ليتخلّف عن صلاة الجماعة .
والطعام الذي يُرخّص لصاحبه في التخلّف عن صلاة الجماعة ، ما كانت تتوق النفس
إليه وينشغل الذهن به ، ويكون مَقدورا على تناوله .
وفي حديث أنس رضي الله عنه ما يُفيد ذلك ، فقد جاء فيها أن المقصود بالصلاة :
صلاة المغرب ، وجاء في بعض روايات الحديث : إذا وُضع العَشاء وأحدكم صائم ،
فابدؤا به قبل أن تُصلّوا .
قال ابن الملقِّن : ينبغي أن يدور الحُـكم مع العلّة وجودا وعدماً ، فحيث
أمِـنّـا التشويش قُدِّمت الصلاة .
ويدلّ على ما ذهب إليه ابن الملقن ما رواه البخاري ومسلم عن عمرو بن أمية أنه
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة في يده ، فدُعي إلى الصلاة
فألقاها والسكين التي كان يحتزّ بها ، ثم قام فصلى ولم يتوضأ .
فالنبي صلى الله عليه وسلم قام إلى الصلاة وترك الطعام .
4 =
هل تصحّ صلاة من صلّى ونفسه تتوق إلى الطعام ؟
الجمهور على صحة صلاته ، وهم يُفرِّقون بين الصحة والكمال
فمن صلى ونفسه تتوق إلى الطعام فصلاته صحيحة مُجزئة مُسقطة الطلب عنه ، إلا أن
الأكمل أن يُصلي بحضور قبله .
5 =
الإسلام دين الكمال ، فهو يوازن بين متطلّبات الروح وبين متطلّبات الجسد .
6 =
ليس في الحديث دليل على عدم وجوب صلاة الجماعة ، ولكن فيه أن حضور الطعام
يُعتبر من الأعذار ، على التفصيل المتقدِّم .
والله تعالى أعلى وأعلم .