الحديث الثالث
عن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي
هريرة وعائشة رضي الله تعالى عنهم قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
:
ويلٌ للأعقاب من النار
.
=
حديث عائشة رضي الله عنها رواه مسلم
دون البخاري .
=
سبب ورود الحديث :
ما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : تخلف رسول الله صلى الله عليه
وسلم في سفر سافرناه فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة صلاة العصر ، ونحن نتوضأ ،
فجعلنا نمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته : ويل للأعقاب من النار . مرتين
أو ثلاثا .
وفي رواية قال : رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة
حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر فتوضؤوا وهم عجال ، فانتهينا
إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ويل للأعقاب من النار .
=
اختُلِف في معنى كلمة " ويل "
فقيل : واد في جهنم ، ولا دليل عليه .
وقيل : الحزن . وقيل غير ذلك .
والصحيح أنها تُقال لمن وقع في الهلاك أو تعرّض لأسبابه ، وقد تأتي للتعجّب
كقوله عليه الصلاة والسلام : ويل أمِّه مسعر حرب .
والمقصود ويل لأصحاب الأعقاب الذين يُهملون غسل أعقابهم في الوضوء ؛ لأن
الأعقاب إذا عُذّبت تعذّب أصحابها .
=
الأعقاب : جمع عقِب ، وهو مؤخرة القدم
.
قيل : ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا *** ولكن على أقدامنا قطر الدّمـا
يعني أنهم لا يفرّون فيقع الدم على مؤخرة أقدامهم ، بل يقع على أقدامهم
لمواجهة العدو .
وهذا الفرق بين التعبير بالعقِب وبالقدم .
وقد جاء في رواية لمسلم : ويلٌ للعراقيب .
=
خص النبي صلى الله عليه وسلم الأعقاب بالذِّكر لأنها غالبا لا تُرى فيقصر
عنها الغسل .
=
في الحديث دليل على وجوب غسل الأقدام إذا كانت مكشوفة ، وفيه رد على أهل
البدع الذين يقولون بمسح الأقدام وإن كانت مكشوفة .
أما إذا لم تكن مكشوفة كأن تكون مستورة بخفٍّ أو بجورب ونحوه فسيأتي الكلام
عليها تحت باب المسح على الخفين .
=
ولهذا كان بعض السلف يقول بنزع الخاتم عند الوضوء ، فقد كان ابن سيرين يغسل
موضع الخاتم إذا توضأ . علّقه عنه الإمام البخاري .
=
وهذا الوعيد على ترك غسل الأعقاب لا يمكن أن يكون على أمر مستحب أو مسنون ،
بل على ترك واجب كما سيأتي في حديث ابن عباس " إنهما ليُعذّبان ... " .
=
فيه دليل على أن من ترك شيئاً من أعضاء الوضوء فإنه يأثم ، وبالتالي لا تصح
صلاته ومن ثمّ يُعذّب على تفريطه .
=
ورد في رواية لمسلم : ويل للأعقاب من النار . أسبغوا الوضوء .
والصحيح أن لفظة " أسبغوا الوضوء " مُدرجة من كلام الراوي .
=
إذا كان هذا الوعيد على من قصّر في الوضوء فكيف بمن قصّر في الصلاة ؟
وكيف بمن لا يتوضأ ولا يُصلّي أصلا ؟
نسأل الله السلامة والعافية .