قول : اتقوا الله
وراقبوه في السر والعلن . جائز أم محرم ؟؟
عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
السؤال :
قول : اتقوا الله وراقبوه في السر والعلن . جائز أم محرم ؟؟
أفيدونا مأجورين
الجواب :
يجوز قول ذلك كله ، ولا حرج فيه .
فَتَقوى الله في السِّر والعَلَن مطلوبة .
والآيات التي أُمِر فيها بالتقوى كثيرة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم
يُذَكّر بالتقوى في خُطَبَه ، وفي خُطبة الحاجة كان يقرأ ثلاث آيات فيها الأمر
بالتقوى ، أولها : قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ،
وثانيها : قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي
تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) ،
وثالثها : قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا
عَظِيمًا) .
ومُراقبة الله في السِّر والعَلَن مطلوبة أيضا ، وقد أثنى الله على الذين
يخشونه بالغيب ، فقال : (إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
بِالْغَيْبِ) ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ
لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) .
وذمّ المنافقين الذي يُراقبونه في العَلانية دُون السِّرّ ، فقال : (
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ
إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا
يَعْمَلُونَ مُحِيطًا) .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فَسَاد أعمال أقوام جَعلوا الله أهون
الناظرين إليهم ، وذلك لأنهم إذا خَلَوا بِما حَرَّم الله انتهكوا حُرُمات الله
وعَصَوه ، فقال عليه الصلاة والسلام : لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة
بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا ، قال ثوبان :
يا رسول الله صفهم لنا ، جلـِّـهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم ؟ قال :
أما إنهم إخوانكم ، ومن جلدتكم ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم أقوام
إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها .
يعني إذا خلوا بما حرّم الله انتهكوا حُرمات الله وتجرءوا على الله .
فقوله عليه الصلاة والسلام : إذا خلوا بمحارم الله . يدل على الكثرة والاستمرار
.
والمقصود بقولهم : رَاقِبُوا الله ، أي : اجعلوه عليكم رقيبا ، وهذا معنى قوله
تعالى : (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) .
وعَقَد ابن القيم رحمه الله في كِتابه " مدارج السالكين في منازل إياك نعبد
وإياك نستعين " مَنْزِلة المراقبة .
فمن أراد الاستزادة فليُراجِع تلك المسألة في الكتاب المذكور .