عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
السؤال :
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هل يكون الإسلام دين خاص بالأعراب أم يكون للناس كافة ؟
إن كان لجميع عباد الله لماذا جاء في القرآن الكريم ( وَلِتُنْذِرَ أُمَّ
الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) ؟
شكرا من خدمتكم للإسلام والمسلمين .
جزاكم الله خيرا في الدارين
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيراً
ورسالة الإسلام للناس كافة ، قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ
إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) .
وقال تعالى مُخاطِبا الناس جميعاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ ) .
وتكرر كثيرا في القرآن خطاب أهل الكتاب ، وهذا يعني أن الإسلام دين عالمي ،
خُوطِب به أهل الكتاب وأهل الأوثان ، بل خُوطِبتْ به البشرية جمعاء إلى يوم
القيامة .
وأما قوله تعالى : ( وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) فقد جاء
في تفسيرها :
قال قتادة : قوله ( وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) : كنا
نُحَدَّث أن أم القرى مكة ، وكنا نُحَدَّث أن منها دُحيت الأرض .
وقال ابن عطية في المحرَّر الوجيز : و أم القرى مكة ، سُميت بذلك لوجوه أربعة ،
منها :
أنها منشأ الدين والشرع .
ومنها : ما رُوي أن الأرض منها دحيتْ .
ومنها : أنها وسط الأرض وكالنقطة للقرى .
ومنها : ما لحِق عن الشرع من أنها قبلة كل قرية ، فهي لهذا كله أمّ ، وسائر
القرى بنات ، وتقدير الآية : لتنذر أهل أم القرى ومن حولها ، يريد أهل سائر
الأرض . اهـ .
وقال القرطبي : ومن حولها : يعني جميع الآفاق .
ويستدل علماء الطبيعة ( الأرض ) أن مكة هي مركز العالم ، ولذا فإن كل الأرض
تُعتبر مما حولها .
وعلى افتراض من حولها أنه لا يَعم فهذا محمول على النِّذراة ، وهي في أول الأمر
لما حول مكة .
وقد بلغت دعوته صلى الله عليه وسلم الشام واليمن في زمانه صلى الله عليه وسلم .
ولذا لما جاء كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل – عظيم الرُّوم – لم يَقُل :
هذه رسالة خاصة بالعرب ، ولا بالأعراب ، وإنما قال لأبي سفيان – وكان مُشرِكاً
– : فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج لم
أكن أظن أنه منكم ، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشّمتُ لقاءه ، ولو كُنْتُ
عنده لَغَسَلْتُ عن قَدَمِـه . رواه البخاري ومسلم .
وآمن به ملِك الحبشة ( النجاشي ) .
وآمن به من اليهود عبد الله بن سلام رضي الله عنه ، فهو قد شهد شهادة الحق ،
وأخبر أن صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة .
ولذا ذهب غير واحد من المفسِّرين على أن المقصود بقوله تعالى : ( وَشَهِدَ
شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ )
أنه عبد الله بن سلام رضي الله عنه .
وقصة إسلامه في صحيح البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة
يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أصحاب النار
. رواه مسلم .
وهذا يعني أن دعوة الإسلام يُخاطب بها اليهود والنصارى مع أنهم أهل كتاب ،
فغيرهم من باب أولى .