عبد الرحمن بن عبد الله
السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
هل يجوز جمع نيات متعددة (سنة الوضوء وسنة الضحى وتحية المسجد) في صلاة النافلة
( مع الدليل ) ؟
الجواب :
يجوز أن يجمع المسلم بين نيّات مُتعددة ، فيجوز أن يجمع في العمل الواحد بين
أربع نيّـات أو أكثر .
وهذا ما يُسميه العلماء بـ " تداخل النيّـات " .
فيُمكن الجمع بين :
نيّـة السنة الراتبة قبل الفجر – مثلاً – .
ونيّـة تحية المسجد .
ونيّـة الصلاة بين الأذان والإقامة " بين كل أذانين صلاة . قال في الثالثة :
لمن شاء " . رواه البخاري ومسلم . أي بين كل أذان وإقامة .
ونيّـة ركعتي الوضوء .
كما يُمكنه أن ينوي بهاتين الركعتين صلاة الاستخارة .
والدليل قوله عليه الصلاة والسلام : وإنما لكل امرئ ما نوى . رواه البخاري
ومسلم .
وهذا في النوافل أكثر منه في الفرائض .
وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم ونوى الحج والعمرة معاً ، فلبّى بالحج والعمرة
معاً .
فيكون قد جمع بين نية الحج ونية العمرة عند التلبية .
ولو تزوج مسلم فنوى أعفاف نفسه ، وغض بصره ، وحصول الولد فإنه يؤجر على ذلك كله
؛ لأنه نوى ذلك .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : وفي بضع أحدكم صدقة . قالوا : يا رسول الله
أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان
عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر . رواه مسلم .
ولو نام الإنسان فإنه يؤجر على نومه إذا نوى به نية صالحة ، ولما معاذ أبا موسى
قال له : يا عبد الله كيف تقرأ القرآن ؟ قال : أتفوقه تفوّقا . قال : فكيف تقرأ
أنت يا معاذ ؟ قال : أنام أول الليل فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم فأقرأ ما كتب
الله لي ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي . رواه البخاري ومسلم .
فإذا كان المسلم يؤجر في نومه إذا نوى به نية صالحة فإنه يؤجر على غيره إذا
استحضر النية .
ومما يدل على جمع النيّات قوله صلى الله عليه وسلم : الغزو غزوان : فأما من
ابتغى وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسَر الشريك واجتنب الفساد ، فإن
نومه ونبهه أجر كله ، وأما من غزا رياء وسمعة وعصى الإمام وأفسد في الأرض فإنه
لا يرجع بالكفاف . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .
فإن هذه الأعمال ( من غزو وطاعة وإنفاق ومياسرة واجتناب للفساد ، ونوم وانتباه
) تجمعها نية واحدة .
ومثله قوله عليه الصلاة والسلام : الخيل لثلاثة لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى
رجل وزر ؛ أما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج أو روضة
فما أصابت في طَيْلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات ، ولو أنها قطعت
طيلها فاستنّت شرفاً أو شرفين كانت أرواثها وآثارها حسنات له ، لو أنها مرّتْ
بنهر فشربت منه ولم يُرد أن يسقيها كان ذلك حسنات له .. الحديث . رواه البخاري
ومسلم .
فهذه الأعمال إنما أُجِـر عليها لأن النية الأولى صالحة وتبعتها هذه النوايا في
نفس العمل ، فيؤجر على ذلك كله .