دلائلُ توحيدِه
في الحشراتِ : فيما يُرَى ، وما لا يُرَى كَالفَيرُوسَات .
في البَعوضَةِ :
يَا مَنْ يَرَى مَدَّ البَعُوضِ جَنَاحَها ... في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ البَهِيمِ
الألْيَلِ
ويَرَى نِيَاط عُرُوقِها في نَحْرِها ... والْمُخَّ في تِلْكَ العِظَامِ
النّحَّلِ
قال الزمخشري : رُبما رَأيتَ في تَضاعِيف الكُتُب العَتِيقة دُويبّة لا يَكاد
يُجلّيها للبَصَر الحادّ إلاّ تَحَرّكها ، فإذا سَكَنت فالسّكون يُوَارِيها ،
ثم إذا لَوّحْتَ لها بِيدِك حادَت عنها وتجنّبَتْ مَضَرَّتها .
فسبُحان مَن يُدرِك صُورةَ تلك وأعضاءها الظاهرة والباطنة ، وتفاصيل خِلْقَتها
، ويبصر بَصَرها ، ويطلّع على ضميرها ، ولعل في خَلْقِه ما هو أصْغَر منها
وأصْغَر . (الكشّاف)
دلائلُ توحيدِه
في النّملةِ
في النّحلةِ
النملةُ تَجمَعُ الحبَّ وتُخَزّنُه ، وتكسِرُه لئلا ينبُت . فَمَن ألْهَمَها ؟
قال ابن القيم : وَمِن عَجِيبِ أمْرِ الفِطْنَةِ فِيهَا : إذا نَقَلَتِ الْحبَّ
إلى مَسَاكِنها كَسرتْه لِئَلاّ ينْبُتَ فَإِن كَانَ مِمَّا ينْبُتُ
الفِلْقَتان مِنْهُ كَسَرتْهُ أربعا ، فإذا أصابَه نَدًى أو بَلَلٌ وخَافَتْ
عَليه الْفسادَ أخْرَجَتْه للشمسِ ثمَّ تَردُّه إلى بيوتها ...
وَمن فِطنتِها أنّها لا تَتَّخِذُ قَرْيَتَها إلاّ على نَشْرٍ مِن الأرض لئلاّ
يَفِيضَ عَلَيْهَا السَّيْلُ فيُغْرِقَها . اهـ .
دلائلُ توحيدِه
في الشجر
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ
مِنْهُ تُوقِدُونَ)
هل تأمّلتَ جُذوعَ الأشجارِ في الخريف ، جُذوعٌ جافّةٌ ، ما تَلبِثُ أن تُورِقَ
، ويَخرُجُ منها ثِمَارٌ ألْيَنُ مِنَ الزُّبدِ !
دلائلُ توحيدِه
في العافيةِ وفي السَّقَم
مَن الشّافي ؟؟
كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "
إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ، قَالَ : أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ
النَّاسِ ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي ، لاَ شِفَاءَ إِلاّ شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً
لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا".
رواه البخاري ومسلم .
هل رأيتَ مريضا أشرَفَ على الْمَوت ، وأيِسَ منه الأطباء ، ثم قام سليما
مُعافَى ؟
من الذي شَفَاه ؟؟ إنه الله تعالى في عُلاه .
قُل للطبيبِ تَخَطّفَتْه يَدُ الرّدَى = مَن يا طَبيبُ بِطِبّه أرداكَ ؟
قل للمريضِ نجا وعُوفي بعدما = عجزتْ فنونُ الطبِّ مَن عافاكَ ؟
قل للصحيحِ يموتُ لا مِن عِلَةٍ = مَن بِالمنايا يا صحيحُ دَهاك ؟
دلائلُ توحيدِه
في حَرَكَةِ الشمسِ ، وتَغيُّرِ مَسَارِها
للشمسِ مَسَارٌ في الصيف ، ومَسَارٌ في الشتاءِ ، فإذا تغيّر مَجْرَاها بإذنِ
ربّها تغيّرَ الجوُ ، وتبدّلَ الطقسُ ، واختَلَفَ حتى الظِّل . فسبْحانَ مَن
هذا صُنعُه ..
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ)
قال البغوي : أراد مَشرِقَ الشتاء ومَشرِقَ الصيف ، وأراد بِالْمَغْرِبَيْن :
مغربِ الشتاء ومغربِ الصيف . اهـ .
كَم عُمُرُ الشمسِ والقَمَر ؟!
شمسٌ وهّاجَةٌ ، وقَمَرٌ مُنِيرٌ ، منذ آلاف السنينِ ، لا تحتاجُ إلى صِيانة ،
وليس فيها شُقوقٌ ..
دلائل توحيده :
في الهواءِ ، الذي هو ألْطَفُ شيءٍ وأرقُّه .. تَسْتَنْشِقُه ولا تُحسُّه : إن
زَادتْ سُرْعَتُه صار ريحا عاتية ، تُدمّرُ كلَّ شيءٍ بإذن ربّها
رأتْ عادٌ بَوَادِرَه ، فقالوا : (هَذَا
عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ
أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى
إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ)
دلائلُ توحيدِه
في الماءِ إذْ فيه حياةُ الأحياءِ : إمّا مُباشَرَةً وإمّا ما يَنتُجُ ويَنبُتُ
عنه
(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ)
الماءُ والهواء لا تَستطيع ُأن تقبضَ على واحِدٍ منهما
إن زادَ مَنسوبُ المياه صارَ طُوفانا ..
(إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11)
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)
قال ابن القيم : الحكمةُ إنما تتمُّ بِخَلْقِ الْمُتَضَادّاتِ
والْمُتَقَابِلاتِ ؛ كالليل والنهار والعُلوِّ والسّفْل ، والطيبِ والخبيث ،
والخفيفِ والثقيل ، والحلوِ والمرّ ، والبردِ والألم واللذة ، والحياةِ والموت
، والداءِ والدواء . فَخَلْقُ هذه الْمُتَقابِلاتِ هو مَحلُّ ظُهورِ الحكمةِ
الباهِرةِ ، ومَحَلُّ ظهورِ القُدرةِ القاهرةِ ، والمشيئةِ النافِذةِ ،
والمُـلكِ الكاملِ التامِّ . اهـ .
دلائلُ توحيدِه
في نَفْسِك وأنفاسِك
تتنفّسُ في اليوم والليلة أربعا وعشرين ألفَ نَفَسٍ
ومِن عَجِيبِ أمْرِ النّفَسِ :
أن الإنسانَ يتنفّسُ في كل حالٍ : في حالِ أكلِه وشُربِه وكلامِه ونومِه .
ويأخذُ في الشهيقِ هَواءً نَقِيّا ، ويُخرِج في الزفير هَواءً مُستَهْلكًا ،
ولا يختَلِطُ هذا بهذا !
في ذاتِك : في قَوَامِك (يَا
أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ
فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)
في دَمِكَ وفي نَبْضِ قَلبِك
قلبُك ينبُضُ في اليوم : مائةَ ألفِ نَبْضَةٍ ..
وفي جِسْمِك مَصانِعٌ : مصنَعٌ لِكُريّات الدم الحمراء ، وآخَرُ لِكريّات الدم
البيضاء، وثالثٌ لإنتاج الخلايا ، ورابِعٌ لإنتاج اللّعَاب ، وخامِسٌ لتنقيةِ
الدم ، وهكذا في سِلسلة تَطول ..
(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)
في عَينِك وفي أُذُنِك
هل فكّرت يوما : أن هذه الأعضاءَ مِنكَ ، بل كُلُّ عِرْقٍ وخَليّةٍ ، وكُلُّ
لَحمٍ ودَمٍ، وكلُّ عَصَبٍ وعَظْمٍ : جميعُها خُلِقَتْ مِن نُطفَة !
فلو جُمِعتْ كُلُّ النّطَفِ لَمَا استطاعَ البَشَرُ إيجادَ عَيْنٍ تَطْرِف !
ولا اُذُنٍ تَسمَع !
دلائلُ توحيدِه
في خَلْقِ الجَنينِ
الله خَلَقَ مِن النطفةِ عَينًا مُبْصِرَة ، وأُذنا واعِية
وأطباءُ الأرضِ صَنَعوا آلةً يُستَعانُ بها على إيصالِ الصوتِ وتَوضيحِ الصورة
ولكنهم مهما بَلَغوا مِن العِلمِ فلن يَستطيعوا أن يَخلُقُوا خَلِيّةً واحِدَة
!
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا
وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا
يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قَالَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي،
فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ شَعِيرَةً .
رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً ، وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً .
دلائلُ توحيدِه
في أسنَانِك
كُلُّ سِنٍّ مِنك له عَصَبٌ يُغذّيه ..
حتى في أظفارِك
لن تستطيعَ كُلُّ التّقنِياتِ أن تُوجِدَ لك ظُفْرا به حياةٌ يَنمُو ويَتغيرُ
بِتَغيّرِ صِحّةِ البَدَن
دلائلُ توحيدِه
في الزّرْعِ وفي الضّرْع
في الإفرادِ وفي الجمْع
زرَعَ المزارِعُ حَبّةً واحِدة ، فأنْبَتت سُنْبُلةً . فَكم فيها مِن حَبّةٍ ؟!
الله تبارك وتعالى جَمَع الظُّلُماتِ ، وأفْرَدَ النورَ
قال ابن القيم : لَمّا كانتِ الظّلْمَةُ بِمَنْزِلَةِ طُرُقِ الباطلِ ، والنورُ
بِمَنْزِلَةِ طريقِ الحق، فقد أُفْرِدَ النورَ وجُمِعتِ الظلماتُ ، وعلى هذا
جاء قوله : (اللَّهُ
وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ
النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ) ،
فَوَحّدَ وَلِيَّ الذين آمنوا ، وهو الله الواحدُ الأحدُ ، وجَمَعَ الذين
كَفَروا لِتَعَدِّدهم وكَثْرتِهم ، وجَمَعَ الظلماتِ ، وهي طُرُق الضّلالِ
والغيِّ لِكَثْرَتِها واختِلافِها ، ووَحّدَ النّورَ ، وهو دِينُه الحقُّ
وطَريقُه المستقيمُ الذي لا طَريقَ إليه سِوَاه . اهـ .
دلائلُ توحيدِه
في طُلوعِ النورِ الذي أخفَى أضْواءَ القَناديلِ !
طَلَعَ الصباحُ فأطفِئوا القِندِيلا
الله نُورُ السماوات والأرض ، عَمّ نُورُه الوجودَ ، فأغنى نُورُه عن كُلّ نُور
.
لو اجتمع أهلُ الأرضِ وأرادوا إضاءةَ الكَوْنِ كَمَا يُضيءُ طُلوعُ النورِ
صباحا ؛ لَمَا استطاعوا !
تَفرّدَ الله بالقُدرةِ والقوّةِ سبحانه وبِحمدِه .
دلائلُ توحيدِه
في الصناعاتِ : اللهُ خالِقُ كلِّ صَانِعٍ وما صَنَعَ
استغنى الله عن مُعينٍ أو مُشِير .. بينما لا تجِد صَنْعةً إلاّ وقد اشتركَ
فيها عددٌ مِن الناس ، وكلّما كبُر المصنوعُ زاد عددُ العاملينَ والمشارِكين ..
تأمّلْ في المصنوعاتِ الكبيرةِ ، كالطائراتِ والسياراتِ : تَجِدْ فيها أجزاءَ
مِن بُلدانٍ شَتّى !
لكنَّ اللهَ وحدَه جلّ جلاله تَفرّدَ بالْخَلْقِ والإيجادِ وإبداعِ الصُّنْعِ .
قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ
اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ .
رواه البخاري في " خَلْقِ أفعالِ العباد " ، والحاكِمُ وصححه على شرط مسلم ،
ووَافَقه الذهبي .
دلائلُ توحيدِه
في كَمال قُوّته وقُدرَتِه
أبْدَع الْخَلْقَ على غير مِثالٍ سابِق
قال شيخ الإسلامِ ابنُ تيميةَ : الإبداعُ خَلْقُ الشيء على غيِر مثال ..
وقال : وأما مُبدِعُ العالَمِ فهو الْمُبْدِعُ لأعيانِه وأعْرَاضِه وحَرَكاتِه
، فليسَ له نَظِيرٌ، إذْ هو سبحانه ليس كَمثلِه شيءٌ : لا في ذاتِه ، ولا في
صفاتِه ، ولا في أفعالِه .
وقال ابن القيم : مُبْدِعُ الشيء وبَدِيعُه لا يَصِحُّ إطلاقُه إلاّ على الربّ
.