|
*
يا فتاة الإسلام .
*
أيتها المؤمنة القانتة .
*
أيتها الدرة المصونة ، والجوهرة المكنونة .
السلام عليكِ ورحمة الله تعالى وبركاته ، أما بعد
:
* فلا تحزني
لأن الله تعالى شرَّفكِ بالإسلام ، ورفعكِ بالإيمان ، وجعلكِِ شقيقةً للرجل
ومثيلةً له قال تعالى : { إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً
وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }
( سورة الأحزاب : 35 ) . وليس هذا فحسب بل قد أنزلك منزلةً رفيعةً عندما
كرَّمكِ بالانتساب إلى أُمهات المؤمنين – رضي الله عنهن – ، ومن سار على نهجهن
من النساء الصالحات ، والعابدات القانتات ، والمؤمنات الصادقات . اللواتي قال
فيهن الشاعر :
فتشبَّهُوا إن لم تكونوا مِثلهم ....... إن
التَّشبه بالكِرام فلاحُ
* لا تحزني
وقد أنصفك الإسلام يوم أن جعل منك البنت المصونة ، والأُخت الغالية ، والزوجة
المكفولة ، والأم الحنون ، والجدة الموقرة . واعلمي أن هذه المنزلة العالية ،
والمكانة المتميزة لم تكن لتُمنح لك لولا أنك أمينةٌ على أبنائه ، وحافظةٌ
لكيانه ؛ فلا تُفرطي في أداء هذه الأمانة العظيمة ، واحتسبي ما تبذلينه من جهدٍ
ووقتٍ في ذلك عند الله جل جلاله، فهو الذي لا يُضيع عمل عاملٍ من ذكر أو أُنثى.
* لا تحزني
وأنتِ متمسكةٌ بحجابك الشرعي الساتر لكل ما أمر
الله بستره لأن في هذا الحجاب عزةً وكرامةً لا يذوق حلاوتها إلا من آمنت بالله
رباً ، ورضيت بالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، فعن
العباس بن عبد المطلب t أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ذاقَ
طعمَ الإيمانِ ، من رضي بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمدٍ نبيّاً " (
رواه الترمذي ، الحديث رقم 2623 ، ص 591 ) . وإياك ثم إياك أن تنـزعي هذا
الحجاب ، أو تتهاوني في الحفاظ عليه ؛ فهو أمرٌ من الله تعالى ليُجنبك الأذى ،
قال سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا
يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً }
( سورة الأحزاب : 59 ) . وهو هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي جاء به
ليُميز المرأة المسلمة عن غيرها من النساء وليُربيها على خُلق الحياء منذ نعومة
أظفارها ، فتعيش – بإذن الله – في سعادةٍ وسرور ، وتسلم من الوقوع في الرجس
والفجور ، ويرضى عنها العزيز الغفور . ولله در من قال :
لا تُعرضي عن هدي ربك ساعةً *** عضي عليه مدى
الحياةِ لتغنمي
ما كان ربُكِ جـائراً في شرعه *** فاستمسكي بعُراه حتى تسّلمي
ودعي هراء القائلـيـن سفاهةً *** إن التقدم في السفور الأعجمي
* لا تحزني
وأنت ممن شرفها الله تعالى بحمل رسالة الإسلام في البيت ، وفي المدرسة ، وفي
مكان العمل ، وفي كل زمانٍ ومكان ؛ وكوني قدوةً صالحة في دينك ودنياك ، وعلمك
وعملك ، ومأكلك ومشربك ، وملبسك وزينتك ، وكلامك وصمتك ، و في كل شأنك . وأعلمي
أن لكل عملٍ غاية ، ولكل مشوارٍ نهاية .
* لا تحزني
وأنت تعلمين أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافٍ كثيرة ، وأن
السيئة بمثلها ، ولا تنسي – بارك الله فيك – أن الله تعالى يعفو ويتجاوز عن
عباده بفضله ورحمته وكرمه . لا تحزني وأنت ملازمةً لبيتك ، محافظة على أداء
واجباتك ، قائمة بما افترضه الله تعالى عليك من العبادات والطاعات ؛ واعلمي أن
في عدم الاختلاط بالفارغات واللاَّهيات نعمةً كبيرةً لا تُقدَّر بثمن ؛ إذ أن
في البعد عن هؤلاء راحةً للبال ، وهدوءا للخاطر ، وسلامة للنفس ، وبعداً عن
الخطأ .
* لا تحزني
وأنتِ محافظة على ذكر الله تعالى ملازمة للاستغفار ، فإن في كثرة الاستغفار
وملازمة الإنسان له ارتياحاً من الهموم ، وسلامةً من الغموم ، ووسيلة لطلب
السعادة وراحة البال . جاء في الحديث عن ابن عباس عن معلم الناس الخير صلى الله
عليه وسلم أنه قال : " من لزم الاستغفارَ جعل الله له من كل ضيقٍّ مخرجاً ، ومن
كل همٍّ فرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 1518 ،
ص 234 ) . وعليكِ – بارك الله فيك – بالإكثار من التسبيح والحمد والتكبير
والتهليل والاستغفار ، وترطيب اللسان بكثرة ذكر الله تعالى لتحصل لك الطمأنينة
، قال سبحانه : { الَّذِينَ آمَنُوا
وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ } ( الرعد : 28 ) .