الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في
أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
فإن الحديث عن تنمية الوعي البيئي حديثٌ ذو شجون ولاسيما أن البيئة تمثل أهميةً
كبيرةً للإنسان ، فهي المحيط الذي يعيش فيه ، ويحصل منه على مقومات حياته من
طعامٍ ، وشرابٍ ، وهواءٍ ، وكساء . وهي المحيط الذي يتفاعل معه ويمارس فيه
علاقاته المختلفة مع غيره من الكائنات والمكونات . ومنذ أن خلق الله تعالى
الإنسان وهو دائم البحث في البيئة عن مختلف المتطلبات والحاجات التي تلزمه
لتحقيق عملية تكيفه مع البيئة ، مستخدماً في ذلك كل ما توافر له من المعارف ،
والمهارات ، والخبرات التي وهبها له الخالق سبحانه .
وعلى الرغم من أن البيئة بما فيها من موارد متنوعة كانت في حالة توازنٍ طبيعي
يُمكِّنـُها من الوفاء بمطالب الإنسان ، وإمداده باحتياجاته اللازمة لاستمرار
حياته وحياة الكائنات الحية الأخرى ؛ إلا أن تصرفات الإنسان غير المسؤولة مع ما
يُحيط به من كائناتٍ ومكونات وعناصر البيئة قد أخلَّ كثيراً بتوازن النظام
البيئي ، وترتب على ذلك حصول العديد من المشكلات البيئية التي كان لها أثرٌ
واضحٌ في تدهور البيئة ، والعمل على تدميرها ولاسيما أن هذه المشكلات البيئية
ليس لها حدود جغرافية ، ولا تمنعها الحدود السياسية ؛ إذ إنها تنتشر في كل مكان
وتصل إلى كل البقاع . الأمر الذي يفرض علينا جميعاً ضرورة الحد من هذه المشكلات
، ومنع حدوث مشكلات جديدة تحقيقاً لمفهوم حماية البيئة والمُحافظة عليها ؛ حيث
تُشير المؤتمرات الدولية التي عُنيت بالبيئة ومُشكلاتها إلى أن الإنسان
بتصرفاته غير المسؤولة ، وسلوكياته الخاطئة يُعد المسؤول الأول عن هذه المشكلات
، وعليه يتوقف حلها ؛ عن طريق تفهم مدى خطورتها ، والعمل الجاد لنشر الوعي
البيئي بين مختلف أفراد المجتمع وفئاته ؛ لأن ذلك – بإذن الله تعالى – هو الحل
الوحيد الكفيل بتحقيق التوافق والانسجام والتوازن المطلوب بين الإنسان والبيئة
. والمعنى أن الوعي البيئي مطلبٌ مُهم وضروريٌ على جميع المستويات ، وعلى الرغم
من وضوح ذلك للمسئولين عن البيئة ؛ إلا أنه غائبٌ عن أذهان الكثير من أبناء
المجتمع الذين لا بُد من تعريفهم به وتربيتهم عليه .
أما كيفية تحقيق الوعي البيئي فليست
بالأمر السهل ، ولكنها في الوقت نفسه ليست أمراً مستحيلاً ، حيث يمكن تحقيق
الوعي البيئي عند الإنسان متى تمت مراعاة ما يلي :
أولاً )
التركيز على تنمية الجانب الإيماني عند الإنسان ، إذ إن هذا الجانب يؤكد على
ضرورة تعامل الإنسان مع البيئة من منطلقٍ إيماني خالص يُربي الإنسان على أهمية
احترام هذه البيئة وحسن التعامل مع مكوناتها .
ثانياً )
غرس الشعور بالانتماء الصادق للبيئة في النفوس ، والحث على إدراك عمق العلاقة
الإيجابية بين الإنسان والبيئة بما فيها من كائناتٍ ومكونات . وهذا بدوره كفيل
بتوفير الدافع الفردي والجماعي لتعَرّف كل ما من شأنه الحفاظ على البيئة ، وعدم
تعريضها لأي خطر يمكن أن يُهددها أو يُلحق الضرر بمحتوياتها .
ثالثاً )
العناية بتوفير المعلومات البيئية الصحيحة ، والعمل على نشرها وإيصالها بمختلف
الطرق والوسائل التربوية ، والتعليمية ، والإعلامية ، والإرشادية لجميع أفراد
وفئات المجتمع ، حتى تكون في متناول الجميع بشكلٍ مبسطٍ ، وصورةٍ سهلةٍ ومُيسرة
.
رابعاً )
إخضاع جميع العلوم والمعارف ذات العلاقة بالنظام البيئي لتعاليم وتوجيهات الدين
الإسلامي الحنيف وتربيته الإسلامية الصحيحة حتى يكون استخدامها إيجابياً و
نافعاً و مُتفقاً مع الصالح العام .
وخلاصة القول :
إن مسألة تحقيق الوعي البيئي عند الإنسان ليست أمراً فطرياً في جميع الأحوال ،
ولكنها مسألةٌ تُكتسب وتُنمى وتحتاج إلى بذل الكثير من الجهود المشتركة لمختلف
المؤسسات الاجتماعية التي عليها أن تُعنى بهذا الشأن وأن توليه جانباً كبيراً
من عنايتها ، والله نسأل أن يوفق الجميع لما فيه الخير والسداد ، والهداية
والرشاد ، والحمد لله رب العباد .
بقلم الدكتور / صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية المساعد
ومدير مركز البحوث التربوية بكلية المعلمين في أبها
E.mail:abo_arrad@hotmail.com