الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في
أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية
الحمد لله الذي خلق كل شيءٍ فقدره تقديراً ، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ
الذي بُعث إلى أمةٍ جاهلةٍ فربّاها وعلّمها ونظم شأنها كله حتى جعلها خير أُمةٍ
أُخرجت للناس ، وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد ؛
فيُعد احترام النظام إحدى القيم السلوكيةٌ الاجتماعية التي تُعنى بها المجتمعات
وتحرص عليها ، وتعمل جاهدةً على تربية الأفراد على احترامها والتمسك بها حتى
تكون سلوكاً يُعمل به وتتم ممارسته من قبل الجميع .
وإذا أمعنا النظر في تعاليم وتوجيهات وإرشادات ديننا الإسلامي الحنيف وتربيته
الإسلامية السامية ، فإننا سنجدها - بدون شك - قد حثت ودعت وعملت على تفعيل هذه
القيمة التي تأتي كمبدأٍ وشعارٍ ينادي به الجميع ، ثم تحويله إلى سلوكٍ يمارسه
الأفراد في حياتهم اليومية ، ويتخلق به المجتمع ي كل شأنٍ من شؤون الحياة .
وانطلاقاً من هذا المبدأ ؛ فإن على كل فردٍ في المجتمع أن يُعنى عنايةً خاصةً
بمسؤولياته المختلفة تجاه مجتمعه الذي ينتمي إليه ، وأن يستشعر أهمية الواجب
الملقى عليه في هذا الشأن . ويأتي من أبرز هذه الواجبات أن يُسهم بإخلاصٍ
وفعالية في حل مُشكلاته ، وأن يعمل على نشر الوعي في أوساطه ، وأن يحرص على
تفعيل مبدأ احترام النظام بين أفراده وجماعاته ؛ سواءً كان كبيراً أم صغيراً ،
ذكراً أم أُنثى ، مُتعلماً أم غير مُتعلم ، مسؤولاً أم غير مسؤول .
أما كيفية حفظ النظام فتكون بأن يُدرك الإنسان أن النظام سلوكٌ دينيٌ ووعيٌ
حضاريٌ ، وأن أكبر شواهده احترامنا لذواتنا ، والتزامنا بالصواب ، والبعد عن
الخطأ في جزئيات حياتنا. والحذر من العشوائية والعبث والفوضى في أي شأنٍ مهما
كان يسيراً .
كما أن من أهم أساليب احترام النظام أن يكون الإنسان ( في أي زمانٍ أو مكان أو
ظرف ) قدوةً حسنةً وأسوةً طيبةً لمن حوله في القول والعمل والمظهر ، وأن يكون
مُلتزماً في واقعه بالسلوك الاجتماعي المقبول في المجتمع ، وهو ما لا يمكن أن
يتحقق إلا بالتحلي بالأخلاق الفاضلة ، والتمسك بالقيم الخُلقية والمبادئ
والمُثل العُليا التي عليه أن يدعو إليها ، وأن يبُثها بين الآخرين من خلال
تعامله الحسن وسلوكه المنظم وتصرفاته المُنضبطة .
ويأتي من أبرز الأساليب وأنفعها أن يحرص الإنسان على تقويم وتصحيح ما قد يصدر
عنه من سلوكياتٍ خاطئةٍ غير مقصودة ، وأن يرجع إلى جادة الصواب إذا ما وقع في
الخطأ . كما أن من الأساليب أن يعمل على مُساعدة الآخرين من حوله على اكتشاف
دورهم الاجتماعي الحاضر والمُستقبلي الذي يمكنهم من خلاله المُشاركة الجماعية
في تنمية مظاهر الانضباط الذاتي للمجتمع ، والطاعة الواعية عند أفراد المجتمع .
وفق الله الجميع لما فيه الخير والسدّاد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب
العباد .