|
*
أخي الموظف المسلم .
*
يا من عليه الإخلاص والإتقان والدقة .
*
يا من ائتُمن على قضاء مصالح المسلمين
وحوائجهم .
السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته ، وبعد:
فإن الوظيفة وسيلة للعيش الشريف و الكسب النظيف ،
وما من موظف إلا وهو مسؤول عن وظيفته ، ومؤتمن من خلالها على مصلحةٍ من مصالح
المسلمين في حياتهم ومجتمعهم ، لذا كان على كل موظف مسلم أن يجعل من وظيفته
طاعةً لمولاه جل في عُلاه ، وعبادةً يتقرب بها إليه سبحانه وتعالى لاسيما وأن
الأعمال بالنيات وليس للإنسان إلا ما نوى كما أخبر بذلك معلم الناس الخير صلى
الله عليه وسلم .
وفيما يلي أوجِّه
هذه الرسالة المُخلِصة إلى الموظف المسلم في أي عملٍ كان ، وفي أي زمانٍ أو
مكان ؛ راجياً المولى عز وجل أن ينفع بها ، وأن يكون ما جاء فيها حجةً لنا لا
علينا ، وأن تكون من باب التواصي بالحق ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وفيها أقول مستعيناً بالله وحده :
*
أخي الموظف ،
اختر لوظيفتك عملاً شريفاً طيباً
مُباحاً لا يتعارض في أي شأنٍ من شؤونه أو جزئيةٍ من جزئياته مع تعاليم الدين
الحنيف ومبادئه العظيمة وقيمه الكريمة ، حتى يكون عملاً مباركاً وكسبه طيباً .
قال تعالى : } وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ
مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب { ( سورة الطلاق : من الآيتين 2 - 3 ) .
وإياك والعمل
الحرام أو العمل الذي فيه أدنى حُرمةٍ أو شُبهة ، فإن خيره وإن كثُر قليل جداً
، وكسبه وإن عظُم خبيث أبداً ، ولا بركة فيه ؛ فقد روي عن النعمان بن بشير قال
: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الحلال بيِّنٌ وإن الحرام
بيِّن وبينهما أُمورٌ مُشتبهات " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 3329 ، ص 509 )
.
*
أخي الموظف ،
اتق الله في عملك وراقبه جل وعلا ؛ فإنه يراك في كل وقتٍ وحين . واحرص على
أدائه بالشكل الذي يرضاه سبحانه ، وتذكر ما روي عن أم المؤمنين عائشة - رضي
الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم
عملاً أن يتقنه " ( رواه أبو يعلى في مسنده برقم 4386 ، المجلد السابع ، ص 349
) . ولا تنس – بارك الله فيك - أن جلوسك في مكتبك ، وقضاءَك لحاجة مراجعيك
يُعد عبادةً تُثاب عليها متى صلُحت نيتك واحتسبتها عند الله سبحانه . واعلم –
بارك الله فيك – أن المسؤولية في الإسلام مغرم لا مغنم ، فاصرف نظرك أن تظن أن
المنصب وسيلة لك إلى السعادة ، فلن يكون ذلك كذلك إلا إذا جعلته لله سبحانه
وتعالى .
*
أخي الموظف ،حافظ
على مواعيد الحضور والانصراف ، وإياك أن تتأخر أو تتغيب عن وظيفتك بغير عذر
يجبرك على ذلك فكل راع ٍ مسؤول عن رعيته ، وكل موظفٍ مسؤول عن وظيفته ؛ التي إن
أحسن أداءها جوزي خيراً إن شاء الله تعالى ، وإن قصَّر حوسب وعوقب – والعياذ
بالله من ذلك - . ولا تنس أن من عطَّل مصالح المسلمين ولم يقض حوائجهم وهو قادر
على ذلك واقع تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من ولاَّه الله شيئاً من
أمر المسلمين فاحتجب دون خُلَّتِهم وفقرهم ، احتجب الله عنه دون حاجته وخُلَّته
وفقره " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 2948 ، ص 448 ) .
فالله الله في الحرص على قضاء حوائج المسلمين ، وعدم تأخيرهم أو تعطيلهم .
واعلم بأن في قضاء حوائج الناس تفريجاً لكربهم ، وتيسيراً لأمورهم ، ومدعاةً
لكسب دعائهم . وما أحسن قول القائل :
من يفعل الخير لا يُعدم جوازيه *** لا يذهب
العُرف بين الله والناس
*
أخي الموظف،
كُن سهلاً لـيناً ، حبيباً لطيفاً في تعـاملك مع مرؤوسيك ومراجعيك ، وعليك
بمساعدة من تستطيع منهم ومد يد العون له في حدود النظام والتعليمات ، ودونما
ضرر أو ضرار ، وتذكّر أن من يَسَّر على مسلم ، يسَّر الله عليه في الدنيا
والآخرة ، وأن من رفق بمسلم رفق الله به في الدنيا والآخرة ؛ فعن عائشة رضي
الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا :
" اللهم ! من وَلِيَ من أمر أُمتي شيئاً فشقَّ عليهم ، فاشقق عليه .
ومن وَلِيَ من أمر أُمتي شيئًا فرَفَق بهم ، فارفق به " ( رواه مسلم ، الحديث
رقم 4722 ، ص 819 – 820 ) .
*
أخي الموظف ، احرص على حُسن الخُلق مع
من يُراجعك من المسلمين بأن تُحييه وتستقبله بكلمةٍ طيبة ، وتودعه بأحسن منها .
فكم هو جميلٌ ونبيلٌ أن تُنـزل كل إنسانٍ منزلته احتراماً لسنه أو لعلمه أو
لفضله ، وعود نفسك أن تكون بشوشاً مبتسماً قدر الإمكان ومهما كانت ضغوط العمل
ومتاعبه . وإياك أن تعد مراجعاً فتُخلف وعدك له ، وحاول قدر استطاعتك أن لا
يخرج المراجع من مكتبك إلا وهو راضٍ عنك وداعياً لك بالخير حتى وإن لم تقض
حاجته . ولا تنس ما روي عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال له : " لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً ، ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ "
( رواه مسلم ، الحديث رقم 6690 ، ص 1145 ) . وما أحسن قول الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما
استعبد الإنسان إحسانُ
*
أخي الموظف ،
الحذر الحذر من الانشغال بأي عملٍ مهما كان مهماً متى حان وقت الصلاة ، وعليك -
بارك الله فيك - أن تُعوِّد نفسك على إجابة النداء مبكراً ، وأداء الفريضة في
وقتها حتى يكون عملك – بإذن الله تعالى – عوناً لك على الطاعة . وتذكَّر أنه لا
خير في عملٍ يؤخر المسلم عن أداء الفريضة ، أو يمنعه من إجابة داعي الله جل في
عُلاه . فإذا ما فرغت من ذلك فإياك وإضاعة الوقت فيما لا فائدة منه ولا نفع فيه
، و عُد مباشرةً إلى عملك حتى لا يتعطل سير العمل .
*
أخي الموظف ،
تذكَّر – غفر الله لك – أن جلوسك في مكتبك أو مكان عملك ، ومُحافظتك على مواعيد
الحضور والانصراف ، وحرصك على أداء عملك بالشكل المناسب ، عبادة من العبادات ،
وطاعة من الطاعات التي تتقرب بها إلى الله تعالى متى صلُحت نيتك ، واحتسبت ذلك
عند الله جل في عُلاه .
**
وختاماً ،
أسأل الله جلت قدرته أن يُصلح الأقوال والأفعال والنيات ، وأن يكتب لنا ولك
التوفيق والسداد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .
***********
للتواصل :
الدكتور / صالح بن علي أبو عـرَّاد
أُستاذ التربية الإسلامية
ومدير مركز البحوث التربوية بكلية المعلمين في أبها
ورئيس هيئة التحرير لحولية كلية المعلمين في أبها
أبها _ ص . ب : ( 249 )
E-Mail : abo_arrad @ hotmail.com
رقم هاتف الجوال [ 0504509749]
أو هاتف وفاكس [ 072285565]