|
الحمد لله القائل : { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً
مَوْقُوتاً } ( سورة النساء : من الآية 103 ) .
والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ؛
فمن تركها فقد كفر " ( رواه الترمذي ، الحديث رقم 1079 ) . وبعد :
فما من إنسانٍ مُسلمٍ بالغٍ راشدٍ عاقلٍ ؛ إلا و يعلم ما للصلاة من أهمية عظمى
، ومنزلة كبرى ؛ فهي عمود الإسلام ، وأحد أركانه العظمى ، وهي الفريضة التي متى
صلُحت صلُح سائر عمل العبد وقُبل -بإذن الله -، وان فسدت فسد سائر العمل
والعياذ بالله .
ومع أن مساجدنا ولله الحمد والمنة ، تزدحم بالمصلين الذين يسعون إلى المساجد
طامعين في الأجر والثواب من الكريم الوهاب ؛ إلا أن هناك بعضاً من الناس الذين
لا يحرصون على ذلك ، فنراهم يتخلفون عن حضور بعض الصلوات في المساجد ، دونما
عذرٍ يُبيح لهم هذا التخلف عن صلاة الجماعة ، وإنما هو التساهل والتهاون في شأن
هذه العبادة العظيمة ، والخمول والكسل ، والانشغال بالشهوات والملذات التي ينسى
أو يتناسى أصحابها أن في ذلك تركاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
، ومدعاةً للضياع والضلال والعياذ بالله . كما أنهم بذلك يحرمون أنفسهم من عظيم
الأجر وجزيل الثواب ؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : " من سرَّه
أن يلقى الله غداً – أي يوم القيامة – مسلماً؛ فليُحافظ على هؤلاء الصلوات
الخمس حيثُ يُنادى بهنَّ ، فإنهن من سُنن الهدى ، وإن الله شرع لنبيكم
صلى الله عليه وسلم سُنن الهدى ، ولعمري ، لو أن كلَّكم صلى في بيته ،
لتركتم سُنَّة نبيكم ، ولو تركتم سُنَّة نبيكم لضللتم ، ولقد رأيتُنا وما
يتخلفُ عنها – أي صلاة الجماعة – إلاَّ منافقٌ معلومُ النفاق ، ولقد رأيتُ
الرجل يُهادى بين الرجلين حتى يدخل في الصف ، وما من رجلٍ يتطهَّرُ فيُحسنُ
الطهور ، فيعمد إلى المسجدٍ فيُصلي فيه ، فما يخطو خطوة إلا رفع الله له بها
درجة ، وحطَّ عنه بها خطيئة " ( رواه ابن ماجه ، الحديث رقم 777 ، ص 147 ) .
فيا من تخلفتم عن الجماعة ، الله الله في صلاة الجماعة ، وإياكم والتخلف عن
أداء الصلوات في المساجد ، وكونوا ممن قال فيهم الشاعر :
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا *** "الله أكــبر"
في شـــوق و في جـذل
أرواحهم خشعت لله في دأب *** قلوبهم من جلال الله في وجـل
هم الرجال فلا يُلهيهمُ لعبٌ *** عن الصلاة، ولا أكذوبة الكسل
وفقنا الله وإياكم للمحافظة على الصلوات في
الجُمع والجماعات ، ورزقنا بفضله وكرمه أجزل الأجر والثواب ، وجعلنا جميعاً من
أهل الصفوف الأولى في بيوت الله في الأرض ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه
، وسلم تسليماً كثيراً.