|
الحمد لله وحده .. وبعد :
إلى الذي غاب عن أحب البقاع إلى الله ، مغشى السكينة ، ومتنزل الرحمة ..
أخي المسلم :
أخاطب فيك قلبا ينبغي أن يخشع
لربه سبحانه ... أخاطب فيك حسا مرهفا .
نعم .. إنك تحمل قلبا لاككل القلوب ..
أعلم أنك تحب مكارم الأخلاق ، وأعلم أنك تحب الصدق مع كل الناس حتى مع نفسك ،
لأن الصدق يهدي إلى البر و إن البر يهدي إلى الجنة ..
إليك
أخي المسلم يا من فقدناه في المسجد ..
أهيىء قلمي ومحبرتي .. لأسطر هذه
الكلمات ، لعل الله جل وعز أن ينفعني و إياك بها ، لأنها ذكرى ، والذكرى تنفع
المؤمنين ..
أخي المسلم :
يا من فقدناه في المسجد ، إن رحمة
الله قريب من المحسنين ، فكن منهم ..
إن الله يحب التقين الذين يؤمنون بالغيب ، ويقيمون الصلاة .. فكن منهم ..
إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ، فكن ممن أحسن عمله .
أخي المسلم :
أما علمت ان ربك العظيم الغني
الحميد يستزيرك لمناجاته في بيت من بيوته .. ليعطيك سؤالك .. ويغفر ذنبك ،
ويجيرك مما تخاف .
فهل تعرض عن زيارته ، ألا تسمع مناديه كل يوم وليلة خمس مرات أن :
" حي على الصلاة .. حي على الفلاح " ..
فأجب ، ولا تعرض عن زياته .
فقل
لبلال العزم من قبل صادق *** أرحنا بها إن كنت حقا مصليا
•
أما سمعت قول المعصوم صلى الله عليه وسلم : " من سمع المنادي فلم يمنعه من
اتباعه عذر " قالوا : وما العذر ؟ قال : " خوف أو مرض ، لم تقبل منه الصلاة
التي صلى " ( رواه أبو داود ) .
بل قبل ذلك قول الله جل وعز : ( واركعوا مع الراكعين ) ( البقرة : 43 ) .
•
أما علمت أنه لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ..
•
أما علمت أن صلاة الرجال في بيته من غير عذر عمل على غير أمر الله ورسوله ،
فيخشى أن ترد على صاحبها لقوله صلى الله عليه وسلم " من عمل عملا ليس عليه
أمرنا فهو رد " .
•
أما علمت أن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر .
•
أما علمت أن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم هم أن يحرق بيوت بعض من
يتخلفون عن الصلاة في الجماعة كما في البخاري .
•
أما علمت أن صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة .
•
أما سمعت قول ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه : " لقد رأيتنا وما يتخلف عنها
إلا منافق قد علم نفاقه ، او مريض ، و إن كان المريض ليهادى بين الرجلين حتى
يقام في الصف " .
•
أما ترجو أن تكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله ، يوم لاظل إلا ظله
ومنهم : " رجل قلبه معلق بالمساجد ".
أحي المسلم :
تفكر هل رأيت أحدا رجع بعد موته
.. ليتردد على المساجد ، فماذا تنتظر ؟!! أتنتظر الموت يأخذك على حين غرة ،
ثم تقول : ( رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت ) ( المؤمنون : 99 - 100
) . ماذا تقول ؟ أتقول ( ياليتنى كنت ترابا ) ( النبأ : 40 ) .
أخي المسلم :
إن أقرب رجل للمسجد منزلا ليمشي
في الوقت الواحد 200 خطوة ، والخطوة الواحدة صدقة مكتوبة ، وحسنة مضاعفة ،
وهي من أعظم أسباب رفع الدرجات ، ومحو الخطيئات ، فيكتب لمثل هذا في تردده
على المساجد في اليوم والليلة .. ألف صدقة ، وألف حسنة ، ويرفع ألف درجة ،
وتحط عنه ألف خطيئة ، ويعد له نزل في الجنة كلما غدا إلى المسجد أو راح منه .
وأعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم . فأغتنم فرصة الحياة
في التردد على المساجد ، قبل أن تتمنى ذلك ، ولا يحصل ذلك ، واسجد بين يدي
ربك في دنياك قبل أن تكون ممن قال الله فيهم : ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى
السجود فلا يستطيعون (42) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى
السجود وهم سالمون ) ( القلم : 42 ، 43 ) .
أخي المسلم :
إنك مسؤول بين يدي ربك عن تخلفك
عن المسجد ، فأعد للسؤال جوابا ، وليكن الجواب صوابا ، إني على ثقة أنك إن
تخلفت عن المسجد من غير عذر شرعي ، فلن تجد الجواب الصواب ، فهلم إلى بيوت (
أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو و الأصال (36) رجال
لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر لله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة يخافون يوما
تتقلب فيه القلوب والأبصار (37) ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله
والله يرزق من يشاء بغير حساب ) ( النور : 36 - 38 ) .
أخي المسلم :
احذر أن تكون ممن قال الله جل وعز
فيهم : ( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولائك حزب الشيطان ألا إن
حزب الشيطان هم الخاسرون ) ( المجادلة : 19 ) .
أخي المسلم :
والله ثم والله إن القلب عليك
ليحزن ، وإنا على فراقك لمحزونون ، نريد أن نرى صفحة وجهك المشرق معنا في بيت
لله نريد أن تكثر سواد المسلمين بين يدي الله . نريد لك خيري الدنيا والآخرة
.
•
نريد لك حياة السعادة والطمأنينة ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ( الرعد :
28 ) .
•
نريد لك بعدا عن ضيق الصدر وعن الهموم ، والمصائب ، والأحزان ، وألا تكون كمن
قال الله فيهم : ( ومن أعرض عن ذكري فاءن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة
أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك ءاياتنا فنسيتها
وكذلك اليوم تنسى ) ( طه : 124 - 126 ) .
•
ولا أحسبك إلا مستجيبا لهذه النداءات من إخوانك في الله ، فالحق بهم في ركب
الهدى ، وقائد هذا الركب هو: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد كان
لكم في رسول الله أسوة ) ( الأحزاب : 21 ) ، وأفراد هذا الركب هم كل خير حمل
القران والسنة منهجا ودينا .
أخي المسلم الله الله في الصلاة ،
الله الله في الصلاة ، فاءن الوصية بها كانت من أخر وصايا المعصوم صلى الله
عليه وسلم ، و إنها أخر ما يفقد من الدين ، فإذا فقدت فقد الدين .
أخي المسلم : إن القلب ليتمزق ، و
إن العين لتذرف من جراء كثرة التخلف عن الصلاة ، ويعلم الله عن أحوالنا التي
لا نشكوها إلا له سبحانه ، ولكن هيا بنا . نعم هيا بنا إلى روضة من ضياء ،
وإلى قبس من نور ن إلى حيث البر والإحسان ، إلى حيث الخشوع والإذعان ، إلى
بيت ربنا .
إلى الله نادى منادي الرحيل *** فهبوا إلى الله يا أوفياء
وسيروا على بركات الإله *** فإن الإله جزيل العطاء
أخي المسلم :
وفي الختام .. نريد أن نراك في
مسجدنا فلا تحرمنا رؤيتك ، ولا تخيب ظننا فيك ، فإن الناس شهداء الله في أرضه
، فمن شهدوا له بخير وجبت له الجنة ، وفي الحديث : " إذا رأيتم الرجل يعتاد
المساجد فاشهدوا له بالإيمان " .
مع تحيات من يرجو لك الخير ، ويخشى عليك ونفسه من سوء الخواتيم ، لأن التخلف
عن المساجد من النذر لسوء الخاتمة لما في صحيح مسلم عن ابن مسعود : " من سره
أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات في المساجد بشارة بلقاء
الله على الإسلام ، والتخلف عنها نذارة بالنفاق ، والختام بسوء العمل .
وفق الله الجميع لصلاح النية والعمل ، والتوبة من كل زلل .
وصلى الله على محمد بن عبدالله وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .