|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد:
فهذه بعض الفوائد المختارة
من تفسير من سورة " الفاتحة " للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله,
وهي فوائد مختصرة, لا تزيد عن سطرين, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
& كتاب الله عز
وجل طب القلوب والأبدان ﴿ وننزل
من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ﴾
[الإسراء:82]
& يا قارئ القرآن
إذا حملت القرآن فانتفع به, اعرف معناه وطبّقه حتى لا يكون القرآن حجة
عليك, لأن القرآن إما حجة للإنسان, وإما حجة على الإنسان.
& لهذه السورة
أسماء متعددة: الفاتحة...أم القرآن...السبع المثاني.
& هذه
السورة...أفضل وأعظم سورة في كتاب الله.
& هذه
السورة...رقية عظيمة للمرضى, فإذا قُرئ بها على المريض شُفي بإذن الله.
& ابتدع بعض الناس
اليوم في هذه السورة بدعة, فصاروا يختمون بها الدعاء, ويبتدئون بها الخطب,
ويقرؤنها عند المناسبات, وهذا غلط.
&
﴿ بِسم
الله الرحمن الرحيم
﴾ أقرأ مستعيناً ومتبركاً باسم الله.
& الصواب الذي لا
شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة, وأن الإنسان لو اقتصر على
﴿ الحمد
لله ربِ العالمين﴾
إلى آخر السورة فصلاتُهُ صحيحة.
&
﴿ الحمد
﴾: وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم.
& ﴿ الله
﴾ علم على رب العامين جل وعلا, فهو اسم ربنا عز وجل, لا يسمى به غيره, ولا
يوصف به غيره.
& ﴿ ربِ
﴾
الرب, هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف: الخلق, والملك, والتدبير.
& ﴿ العالمين
﴾ قال العلماء: كل ما سوى الله فهو من العالم.
& لا تعلق خوفك
بمخلوق, المخلوق مثلك, لو شاء الله لدمره ودمر ما يهدد به الخلق, اعتمِد
على الله, وافعل الأسباب التي أُمرت بها.
&لا تعلق بقاءك
أيضاً بأحد, لا تقل: عندي من يدافع عني, وكذا, وكذا, أبداً هذا ما ينفع,
فكم من سببٍ أخفق! وكم من مهٍيب سقط, الأمر بيد الله عز وجل.
& اجعل قلبك
معلقاً بربك حتى تطمئن ﴿
الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن
القلوب﴾
[الرعد:28] اللهم اجعلنا قلوبنا مطمئنة بذكرك.
& ﴿
الرحمن
﴾ هو ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي لا يدركها العقل, الشاملة لكل شيء.
& انتقام الله
تعالى من المجرمين...رحمة, لأن المجرم يعتدي على غيره, فإذا انتقم الله منه
فهذه رحمة لمن اعتدي عليه أن كفاهم الله تعالى شره.
& النقم التي تصيب
الناس هي في الحقيقة رحمة...يذكر عن بعض العابدات أنها أُصيبت في إصبعها,
وأنها لم تتأثر, وقالت: " حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها ".
&
﴿الرحيم﴾
ذو الرحمة الخاصة التي تصل إلى من شاء من عباده فيرحم من يستحق
الرحمة...وهذا لا يكون إلا للمؤمنين لقول الله تعالى:﴿
وكان بالمؤمنين رحيماً
﴾
& ﴿
مالكٍ﴾
صفة لـــ ﴿
الله
﴾
& ﴿
يوم الدين
﴾ يعني: يوم الجزاء وهو يوم القيامة
& ﴿
إياك نعبدُ
﴾ فيها حصر العبادة في الله, وأنه وحده هو المعبود, يعني: لا نعبد إلا
إياك, فهي بمعنى لا إله إلا الله.
ــــــــــــ
& العبادة: تتضمن
فعل كل ما أمر الله به, وترك كل ما نهى الله عنه.
& لو أن رجلاً قرأ
هذه الآية: ﴿
إياك نعبدُ
﴾ فخرج من المسجد فصار يأخذ المال بالربا والغش والخيانة
فهذا لم يصدق في قوله: ﴿
إياك نعبدُ
﴾ لأنه عبد الدرهم.
& أوثق عرى
الإيمان: أن تحب لله, وتبغض لله, وتوالي لله, وتعادي لله, فمن كان من عباد
الله الصالحين فهو حبيبك في أي مكان في الأرض, وفي أي زمن من الأزمنة.
& من تمام العبادة
أن الله إذا أمر بأمر أن نقول: سمعنا وأطعنا.
& عندما تأكل
للتنعم بنعمة الله عليك يكون عبادةً, لأن الله إذا أنعم على عبده نعمةً يحب
أن يرى أثر نعمته عليه.
&
﴿
وإياك نستعين
﴾ أي: نطلب العون من الله عز وجل...يعني لا نستعين إلا إياك
على العبادة, وعلى جميع الأمور, فهي بمعنى: عليك توكلنا.
& من استعان بالله
عز وجل كفاه...فاستعن بالله, ولا تستعن بغيره.
& كلما أردت أن
تفعل عبادةً فاستحضر أنك مستعين بالله...فعندما تأتي الصلاة فاستشعر أنك
مستعين بالله عز وجل, ومعتمد عليه, ومتوكل عليه.
& نستفيد باستعانة
الله فائدة عظيمتين:
الأولى:
التعبد لله بالاستعانة.
الثانية:
تيسير أمرك, لأن الله إذا أعانك تيسّر لك الأمر.
& الذين يطلبون من
الأموات, فيقول للميت: يا سيدي فلان, أعني على كذا, وكذا, فهذا شرك أكبر.
& بعض العوام إذا
قال الإمام ﴿إياك
نستعين وإياك نستعين﴾
يقولون استعنّا بالله وهذا لم يرد ما كان الصحابة رضي الله عنهم يقولون هذا
خلف نبيهم صلى الله عليه وسلم
& من استعان بميت
فقد ضل في دينه وسفه في عقله.
ــــــــــــــ
&
أنت بقولك:
﴿ اهدنا
الصراط المستقيم
﴾ تسأل الله تعالى علماً نافعاً تهتدي به, وعملاً صالحاً ترشد به.
& الهداية لها
معنيان:
المعنى الأول:
الدلالة والإرشاد, وضده الجهل لأنه إذا لم يرشدك الله ولم يدلك فانت جاهل.
المعنى الثاني:
التوفيق وضده المخالفة والغي.
& الناس ينقسمون
إلى ثلاثة أقسام: عالمِون عامِلون, وجُهال, وطُغاة يعنى أنهم عالمِون غير
عامِلِين.
& الضمير في قوله:
﴿ اهدنا
﴾
يعود على جميع الأمة الإسلامية...لهذا ينبغي لنا أن نستشعر ونحن نقول:
﴿
اهدنا الصراط المستقيم
﴾ أننا ندعو لأنفسنا وللأمة جميعاً.
& جاء قوله ﴿
اهدنا الصراط المستقيم
﴾ بعد قوله ﴿إياك
نستعين وإياك نستعين﴾
لأن العبادة إذا لم تكن على الصراط المستقيم صارت بدعة لا تقبل عند الله
& ﴿ الصراط
المستقيم
﴾ المعاني التي قيل فيه كلها ترجع إلى الإسلام, يعني: اهدنا إلى الإسلام,
لأن الإسلام هو الصراط المستقيم الذي يوصل إلى الله.
& لا يظهر أهل
الإسلام إلا بإظهارهم الإسلام, وافتخارهم به, واعتزازهم به, وألا يجعلوا
أنفسهم أذناباً للغير.
& الدين الإسلامي
فيه كمال حرية, لكنها حرية مُتّزِنة, تُقيدُ النزوات, وتقيد الانطلاقات
الزائفة, وتجعل من الشعوب شعباً معتدلاً متوازناً.
& الذين أنعم الله
عليهم هم من عَلِموا الحقّ وعمِلوا به, وهم أربعة أصناف: النبيون,
والصِّدِّيقُون, والشهداء, والصالحون.
& كل رسول نبي,
وليس كل نبي رسول,...والنبي: من أُوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه,
والرسول: من أُوحي إليه بشرع وأُمر بتبليغه.
ـــــــــــ
& الصِّدِّيقُون:
هم الذين قالوا الصدق, وصدقوا به, وبلغوا في الصدق غايته مع الله, ومع عباد
الله.
& الشهداء: ذكر
العلماء فيهم رأيين:
الرأي الأول:
أنهم العلماء
والرأي الثاني:
أنهم شهداء المعركة, الذين قتلوا في سبيل الله, فالعالم شهيد ولو مات على
فراشه.
& الصالحون: هم
الذين صلحوا في ظاهرهم وباطنهم, وصلاح الإنسان يكون بفعل الأوامر وترك
النواهي...فالصالح من قام بحق الله وحق العباد.
& المغضوب عليهم
هم كل من علم بالحق وخالفه ولم يعمل به, وفي مقدمتهم اليهود الطغاة
المعتدون الذين اعتدوا على الله, وعلى رُسله.
& العالم الذي لا
يعمل بعلمه على خطر عظيم, لأنه يشبه اليهود, قال سفيان بن عيينة رحمه الله:
من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود.
& السورة هذه
عظيمة, ولا يمكن لي ولا لغيري أن يحيط بمعانيها العظيمة...ومن أراد التوسع
فعليه بكتاب " مدارج السالكين " لابن القيم, رحمه الله.
& لو أن أحداً من
الناس تيسر له أن يقرأ هذه السورة بتمعُن ونظر ومراجعة لكلام أهل العلم
لوجد فيها معاني عظيمة جداً.
& كل عاطفة لا
تُقيدُ بالشرع أو بالعقل فستكون عاصفة, وسيحدث فيها فوضى كبيرة وخلل عظيم,
ويكون ضررُها أكبر بكثير من نفعها.
& لا يمكن أن
يتناقض القرآن مع صحيح السنة, ولا يمكن أن تتناقض السنة الصحيحة بعضها مع
بعض أبداً.
&
القاعدة في التفسير أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين لا يتناقضان فإنها تحمل
عليهما جميعاً لأن ذلك أوسع في مدلولها فإن كان يتناقضان رجح ما يترجح.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ