|
منذ أيام قلائل نشرت جريدة الأهالي المصرية خبرًا صغيرًا مفاده أن طلاب جامعة
المنصورة( شمال مصر ) نجحوا في طرد السفير الأمريكي
ريتشارد دوني
من الجامعة , حيث قوبل موكب السفير الأمريكي لدى اقترابه من بوابة الجامعة
بهتافات الطلاب المناوئة للسياسة الأمريكية في المنطقة , والتي نددت بالاحتلال
الأمريكي للعراق , والتدخل السافر في الشأن المصري, ومحاباة أمريكا لإسرائيل
على حساب الشعب الفلسطيني . مما أجبر السفير الأمريكي على الانصراف فورًا من
حرم الجامعة , في انتصار حقيقي لإرادة جيل جديد من الأجيال التي نشأت على كره
وبغض كل ما هو أمريكي , ولكن السؤال الكبير: " لماذا " ؟
لقد سرحت بخاطري متسائلا: ما الذي جعل الولايات المتحدة تصل إلي هذه الدرجة من
الكره والبغض في كل مكان في العالم ؟ ما الذي جعل العلم الأمريكي يداس بالأقدام
هنا وهناك ؟ ما الذي جعل المصالح الأمريكية مهددة في كل بقاع الأرض ؟ ما الذي
جعل شعار( الموت لأمريكا )
يتردد في كل شارع وفي كل حارة, ؟ ما الذي جعل الكره والبغض حليف الولايات
المتحدة على مر الأجيال جيلا بعد جيل, وكان آخرهم شباب
جامعة المنصورة
.
من الثابت تاريخيا أن الولايات المتحدة كانت تتمتع منذ بداية نشأتها بصورة طيبة
في العالم الإسلامي , فالتاريخ يخبرنا أن الولايات المتحدة لم يكن لها أية ميول
استعمارية في بداية نشأتها , حيث كانت معزولة جغرافيا بسبب بعدها عن المنطقة ,
و كانت تتبع في بداية نشأتها سياسة معتدلة تجاه منطقتنا ظهرت ملامح هذه السياسة
في
" مبدأ مونرو "
والذي تمر ذكرى خروجه للنور في مثل هذه الأيام من شهر ديسمبر من كل عام . وهنا
يطيب لي أن أذكر بهذا المبدأ وبنوده كحلقة من الحلقات التي بها تتضح معالم
الصورة . فما هي بنود " مبدأ مونرو "
؟ , ومن هو" مونرو" ؟
"جيمس مونرو"
هو الرئيس الأمريكي الخامس , وهو الذي حكم الولايات المتحدة مابين عامي ( 1758م
-1831 م ) , يتمثل مبدؤه الشهير – والذي عرف باسمه – في رسالته الشهيرة التي
أرسلها إلى الكونجرس الأمريكي في شهر ديسمبر سنة 1823 م , ويتلخص مبدأ مونرو في
: أن تظل الولايات المتحدة في قارتها بعيدة عن صراعات العالم القديم , وألا
تتدخل أبداً في مشاكله, مقابل عدم تدخل أي من الدول الأوروبية في شؤون القارة
الأمريكية, و أعلنت الولايات المتحدة يومها أنها لن تتردد في إعلان الحرب على
أي دولة تحاول التدخل في شئون القارة الأمريكية .
ظلت الولايات المتحدة متمسكة – ومنذ نشأتها واستقلالها سنة 1783 م – بهذه
السياسة وحتى إلى قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى . ركزت الولايات المتحدة
كل اهتماماتها طيلة هذه المدة لصالح التنمية والبناء , عاد مردود هذه السياسة
بفوائد جمة على الشعب الأمريكي , وتمتعت أمريكا باقتصاد قوي, ونظام ديمقراطي
أقوى , وشعر المواطن الأمريكي العادي بهذا المردود , وعاش في قمة الرفاهية , في
الوقت الذي كانت فيه شعوب العالم تعاني من
مرارة الفكر الاستعماري
الذي سيطر على عقول وألباب قادة العالم آنذاك .
غير أن اليهود عز عليهم أن تظل الولايات المتحدة تنعم بما هي فيه , عز عليهم أن
تظل أمريكا بمنأى عن صراعات العالم . فلعبت الرأس اليهودية لعبتها, ونجحت في
استدراج الولايات المتحدة إلى أتون الحروب والصراعات في كل بؤر العالم
الملتهبة.
فمن الحقائق التاريخية
أن اليهود هم الذين حولوا أمريكا إلى دولة استعمارية , حولوها إلى دولة إرهابية
تضرب , وتدمر , وتحرق , وتقتل , وتقاطع من أجل المصالح اليهودية . وأصبحت
الولايات المتحدة تستنفذ كل مواردها , وتخسر العديد من خيرة أبنائها في كثير من
بقاع العالم لصالح اليهود, ولصالح تحقيق أوهام حكماء صهيون المعروفة
بالبروتوكولات .
فانطلاقاً من نفوذ اليهود داخل الولايات المتحدة , وانطلاقاً من سيطرتهم على
كثير من مجريات الأمور داخل الولايات المتحدة , و بالتعاون مع بريطانيا , نجح
اليهود في إخراج أمريكا من عزلتها أثناء الحرب العالمية الأولى , والزج بها
لتحارب في صف بريطانيا , وفعلا حاربت أمريكا إلى جانب بريطانيا . وقبض السمسار
اليهودي من بريطانيا الثمن
– ثمن توريطهم للولايات المتحدة في وحل
الحروب والصراعات - ولكن ترى أي ثمن حصل
عليه اليهود مقابل هذه الصفقة ؟ !!!!
كان من بين أهم هذه المكاسب التي حصل عليها اليهود ما وعدهم به وزير الخارجية
البريطاني
" آرثر بلفور"
بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ,
وحمل الدول الكبرى على الاعتراف بهذا الوعد المشؤوم في مؤتمر الصلح 1919 م في
باريس . وتم العمل على تنفيذه تحت حماية بريطانيا بعد انتزاع فلسطين – قلب
العالم الإسلامي – من جسد الخلافة الإسلامية ووضعها تحت الانتداب
" فلولا اليهود لما أمكن بريطانيا إخراج
أمريكا من عزلتها التقليدية . كما يؤكد
على هذا البعد الدكتور " محمد خليفة التونسي" في كتابه" بروتوكولات حكماء صهيون
" .
لقد عارض الشعب الأمريكي هذا التحول في السياسة الخارجية لأمريكا أيما معارضة ,
كما عارض الكونجرس هذه السياسة رسميا في العشرين من أبريل سنة 1920 م . وطالب
بأن يظل مبدأ مونرو هو حجر الأساس في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية . ولكن
ذهب كل ذلك هباءً . وانتصرت إرادة الشرذمة اليهودية . وأصبحت الولايات المتحدة
من يومها وإلى الآن – وبدافع خبيث – وراء كل الأزمات والمشكلات والجرائم التي
ترتكب في كل بقاع العالم .
إن الولايات المتحدة أمة تستحق الإشفاق , فكل قرارات هذه الدولة العظمى
وتوجهاتها وسياساتها تصنع في المطبخ اليهود وعلى يد الطباخين اليهود , ولا يعرف
غالبية الشعب الأمريكي ما يسمى بالمشاركة في صنع القرار وهذه حقيقة , فاليهود
يعيشون في أمريكا ينعمون بخيرها , ويستغلون ديمقراطيتها , ويلعب كل يهودي في
أمريكا الدور الذي به يساهم في علو شأن بني جلدته , والتمكين لحكومة بلاده في
إسرائيل .أنهم لا يعترفون بغير إسرائيل حكومة لهم , ولا يضعون حدا لطموحهم ,
ولا نهاية لأحلامهم بأن تكون إسرائيل فوق الجميع , بما في ذلك الولايات المتحدة
الأمريكية.
إننا نهمس في أذن السفير الأمريكي – أو في أذان أصدقائه في بلادنا عل أحدهم
يخبره - بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستظل في هذه المهانة دائما وأبدا ما لم
تتحرر من هذا القيد اليهودي , ستظل في هذا الوحل ما لم يعد قادتها التفكير في
السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه عالمنا الإسلامي وقضاياه وعلى رأسها
قضية فلسطين , وما لم يقارن المواطن الأمريكي كيف كانت الولايات المتحدة في ظل
مبدأ مونرو, وكيف أصبحت في ظل هذا القيد اليهودي المهين .
طارق حسن السقا
alsaqa22@hotmail.com