الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
الناس كما يقال أصناف ، فمن الناس إن غاب سئل عنه ، وإن مات فقد ، ومن الناس
إذا غاب لم يسئل عنه ، وإن مات لم يفقد ، بل قد يقول البعض منّا أراح واستراح 0
بعض الناس كالنحل أينما وقع نفع ، ولا يقع إلا على طيب ، معاشرته طيبة ولسانه
أطيب والعكس بالعكس ، قال النبي ( إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ
السوءِ كحامِلِ المسك ، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك : إِما أن يُحْذِيَكَ ،
وإِما أن تبتاع منه ، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة ، ونافخُ الكير : إِما
أن يَحرقَ ثِيَابَكَ ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة ) ، هكذا هم الناس 0
قال الشاعر
إذا ما مــــات ذو علم وتقوى ، فـــقد ثُلِمت من الإسلام ثُلمة
وموتُ الحــاكم العدلِ المولّى ، بحــكم الشرع منقصةٌ ونقمة
وموت العــــــابدِ القـوّام ليـلاً ، يُناجي ربّــــه في كـل ظلمـة
وموتُ فتىً كثير الجود محـلٌ ، فإن بــــقاءه خصـبٌ ونعمـة
وموتُ الفارس الضرغام هدمٌ ،فكم شهِدتْ له بالنصر عزمة
فحسبُك خمسةٌ يُبـــكى عليهم ، وباقي الناس تخفيف ورحمـة
وباقي الخلق هم همـجٌ رعـاعٌ ، وفــــــي إيجادِهـم لله حكمـة
قال ابن القيم رحمه الله : والمقصود بهذا كما قال عليُّ بنُ أبي طالب :
الناسُ ثلاثة : فعالمٌ ربانيّ ، ومتعلّمٌ على سبيل نجاة ، وهمجٌ رَعَاع أتباعَ
كلِّ ناعق ، يميلون مع كلّ ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن
وثيق0
كتبه
محمد فنخور العبدلي