|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يقبل توبة التائبين والصلاة والسلام على سيد التائبين وبعد
الحقيقة إن الإنسان يعجب عندما يكون منهمك في قراءة كناب ، أو مجلة مفيدة ، أو
قصاصة ورق ونحو ذلك , فإذا به و بين السطور يقع على قصة أكل الزمان عليها وشرب
, قصة روادها من العلماء الإجلاء ورواتها من الثقات الأتقياء 0
الحقيقة أنك تعجب من هذه القصة بملابساتها ، وفصولها ، وأبوابها ، من بداية فتح
الستارة والى أن تسدل ، ومن هذه القصص التي يغطيها الصدق ، وفيها الندم والتوبة
قصة العالم التائب ( محمد بن هارون البلخي ) 0
فما هذه القصة ؟
هل قَتل فقُتل ، أم زنى فرجم ، أم سرق فقطع ، أم قذف فجلد ، ليس هذا كله ، بل
أعظم وأشد من ذلك كله ، لقد أحرق أمة في تنور الخبز ؟
ولماذا أحرقها ، ألجريمة ارتكبتها ، أم لفضيحة فعلتها ، أم لعار جلبته 000 ليس
هذا كله 0
إذن ماذا فعلت ؟
أرادت أن تدخل الطعام في فيه قبل أن يظهر صباح يوم جديد من أيام رمضان ، وحتى
يا أخي لا تتزاحم عندك الشكوك والظنون ، إليك القصة كما يرويها الثقات :
كان ( محمد بن هارون البلخي ) هذا من الذين يشربون الخمر في رمضان وغيره ، وفي
إحدى ليالي رمضان دخل البيت قبيل الفجر ثملا سكرانا ، فكانت والدته الحنونة
الرقيقة تحاول أن تضع الطعام في فمه حتى لا يصوم بلا سحور , ولكن الرجل بلا عقل
أخذ هذه الأم المسكينة فوضعها في التنور وهو موقد بالنار فاحترقت كما يحترق
الحطب ، ثم ذهب إلى النوم فلما استيقظ أحس أن في الأمر شيء ، فسأل زوجته ،
فأرته التنور وأمه فيه ، فصدم صدمة قلبت كيانه وحياته ، فتحول من رجل فاسق عاصي
إلى عالم تائب ، فكان يحج كل عام ، ولمدة أربعين سنة يغفر لجميع من في عرفة إلا
لواحد وهو ( محمد ) وفي احدي السنوات حج ( مالك بن دينار ) وبينما هو نائم في
يوم عرفة رأى في المنام أن الله غفر للجميع إلا لواحد وهو (محمد بن هارون
البلخي ) صاحب القصة ، فلما استيقظ ذهب إلى خيام البلخيين يسأل عنه فدُل عليه ،
فلما دخل عليه قال وجده يصلي فجلس خلفه حتى انتهى من صلاته ، فقال له البلخي
ألم تر في منامك كذا وكذا ، فقال نعم ثم اخبره بالقصة ، وسبب علمه أنه يأتيه كل
عام شخص يرى نفس هذه الرؤية ، ثم انصرف فعندما نام عاد له نفس الطائف وقال له
إن الله غفر لجميع من في الموقف ، فقال له حتى ( محمد ) قال نعم ، فلما استيقظ
ذهب مسرعا إلى خيمة ( محمد ) ليخبره بالخبر فوجده وقد مات بعد أربعين حجة في
الإسلام مغفورا له 0
ومن تاب تاب الله عليه لقوله تعالى ( إلا لمن تاب ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم
( التوبة تجب ما قبلها ) 0
عبد الله : للتوبة شروط لابد من توفرها وهي :
1- الإخلاص لله عز وجل في الطاعة 0
2- الإقلاع عن الذنب والاستمرار على ذلك 0
3- الندم على ما فات من الذنوب وعدم الرجوع إليها 0
4- عدم الإصرار على المعصية 0
5- توبة جميع الجوارح ( القلب – اللسان - الأعضاء )
6- أن تكون التوبة في زمن القبول أي قبل الموت أو طلوع الشمس من مغربها 0
وفق الله جميع إلى التوبة
محمد فنخور العبدلي
المعهد العلمي في القريات