دنياك جلها تهاويل ، وأيامها كاشفةٌ للغرابيل ، فهي بين نور وظلمة ، صاعد ونازل
، داخل وخارج ، قادم ومغادر ، فهنيئاً لمن دخل وخرج بلمعان الذهب ، وريح العنبر
، وطقم الشهد .
اشتقت لجوالي فقبضته ، وإلى مستوى النظر رفعته ، ولفتحه كشفت سره ، ( أي ادخلت
ارقامه السرية ) ، فأول ما وقع عليه النظر ، جهات اتصاله ، فتبحرت فيها ، وأطلت
النظر في محتواها ، فاذا هي قد قاربت الألف أو تجاوزته ، لكنني عندما أمعنت
فيها النظر ، تذكرت حديث الأبل المائة التي قد لا تجد فيها راحلة ؟
طَلَبَتْ مني جهات الاتصال ، أن أفعل خاصية إعادة ضبط ، أو خاصيتي الحذف
والإضافة ، ( الحذف الجزئي أو الكلي ) ، بهدف الترتيب والتنظيم ، وانتقاء
الصالح ، ونبذ الطالح ، لكنّي في الحقيقة ترددت ، فقدمت وأخرت ، وبعد أخذ ورد ،
وحوار طال وامتد ، وأحيانا يشتد ، أقنعتني ، وللطريق الصواب أرشدتني ، فضغطت
على خاصية الضبط ، والأنامل متألمة ، والأصابع مرتعدة ، ولكن بالقناعة أقدمت ،
وللضبط فعلت ، فتلاشت الأرقام وتطايرت ، كما تتطاير حبات الرمال في مهب الريح ،
وتساقطت كما تتساقط أوراق الشجر في فصل الخريف ، فاستدركت من الأرقام ما استطعت
، فلم يتبقى منها إلا القليل النافع ، التي يكون الأنس بوجودها دائم ، أما
الزبد والغثاء ، فجرفه السيل ، وبعثره الهواء ، فلا ردها الله .
ومضـــــة { لا تكن كالراحلة }
عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( إِنَّمَا النَّاسُ
كَالإِبِلِ المِائَةِ ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً ) البخاري ، ومثل
الإبل ، الأرقام في الجوال ، قد تصل الألف أو تتجاوز ذلك ولا تجد من ينفعك عند
الحاجة إلا القلة ، أو من يسأل عنك إلا الأحبة ، ويتابع أخبارك وأحوالك إلا
النخبة ، يألمون لألمك ، ويفرحون لفرحك ، فأنت هم ، وهم أنت ، ففعل خاصية الحذف
والحظر ، ولا تنسى أهمية العد الفرز ، ونزه جوالك عن أرقام قد تلزمك باستخدام
المعقمات والكمامات والاحترازات .