إن لخطبة الجمعة أهمية كبيرة ، ومنزلة عظيمة في الشريعة الإسلامية ، فخطبة
الجمعة للمجتمع ، كالبلسم للجروح ، وكالدواء لمن به داء ، ينتظرها الناس من
جمعة إلى جمعة ، آذانهم تتشوق لمقال خطيبهم ، فمنبر الجمعة منبر فتوى ،
وعلم ، وتعليم ، وتنبيه ، وترغيب ، وترهيب ، منبر يربط الحضور بقضايا
المجتمع الداخلية والخارجية ، منبر يخاطب المسلمين دون النظر لجنسياتهم ،
أو ألوانهم ، أو بلادهم ، ومن أعظم أهداف خطبة الجمعة وعظ الناس وتذكيرهم
بما يقربهم الله وبما يعود عليهم بالنفع في دينهم ودنياهم ، والخطباء ثلاثة
أنواع :
الطرف الأول : لا يهتم بخطبته لا موضوعاً ولا
أسلوباً ولا إلقاءً ، ولا يعير اهتماما لمن حضر ، خطبته ليس لها موضوع محدد
، قصيرة مخلة ، أو طويلة مملة ، صوته يجلب النوم والنعاس ، المهم أن يؤدي
الخطبة كيفما أتت ، ولعلهم هم القلة بإذن الله 0
الطرف الثاني : مهتم بخطبته ولكنه مبالغ فيها
، فموضوعها أعلى من مستوى الحضور ، طويلة مملة ، مشتتة للذهن ، صوته أعلى
من اللازم ، وكأنه يتشاجر معهم ، تشعر باليأس من خلال خطبته ، إما أن يوحي
إليك بأن الدنيا منزوعة الخير ، وقد انتهت مدة صلاحيتها ، أو أن المجتمع لا
خير فيه ، نظرته سلبية سوداوية ، لا يراعي حال المأمومين ، ولا ينزل
لمستواهم الديني أو العقلي 0
الطرف الثالث : خطيب مميز ، موضوع خطبته
مناسب لغالبية من حضر ، كالشمس في رابعة النهار ، موضوعاته منوعة ومميزة ،
الصوت مسموع بلا إزعاج ، الخطبة لا طويلة مملة ، ولا قصيرة مخلة ، يبعث
الأمل في النفوس ، ويربط الحضور بالمسلمين قاطبة من مشارق الأرض ومغاربها ،
خطيب ذو علم ، ومعد جيد لخطبته ، ولغته سليمة وسهلة ، يهدف إلى إيصال رسالة
مهمة ، واثق بنفسه ، صادق فيما يقول ، يراعي حال السامعين ، نبرة صوته
وحركة جسمه تتغيران حسب الحاجة ، يوزع النظر إلى المستمعين ، يختم خطبته
بالدعاء لجميع المسلمين ، الأحياء والأموات ، ويخص ولي الأمر والمشايخ
والدعاة بالدعاء ، وكذلك الوالدين والشباب ، فالوالدين سبب وجوده وتميزه ،
والشباب هم أمل الأمة القادم ، هذا الخطيب الذي نريد 0