الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وبعد
غداً الأربعاء الرابع من شهر شوال يصادف يوما جميلا لطيفا ألا وهو توحيد هذه
البلاد وجَعْلِها تحت حكم واحد ، بعد أن كانت قبائل متناحرة ، وعصابات متقاتلة
، الحاج لا يأمن على نفسه إن أراد الحج ، وطالب الرزق لا يأمن على نفسه إن أراد
طلب رزقه ، فكانت الجزيرة العربية لا تعرف للأمن اسما ، فقيض الله لهذه البلاد
المقدسة بقدسية حرميها ( مكة والمدينة ) المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز
طيب الله ثراه فجعلها كيانا واحدا وقبيلة واحدة وأرضاً واحدة أخذ ذلك منه وقتا
وجهدا ومالا وأنفسا ، فتغير اتجاه الناس من القتل والنهب والتناحر إلى البناء
والتطوير والإنتاج ، فأصبحت أيادي الأمس المتقاطعة اليوم متصافحة تسعى لرقي هذا
البلد وأهله 0
إن الإنسان بلا وطن هو كيان لكنه بلا روح ، والإنسان بلا وطن هو جسد لكنه بلا
إحساس ، إن الفاقد للوطن هو بالضرورة فاقد للأمن والاستقرار، والفاقد للأمن
والاستقرار لابد أنه فاقد للاطمئنان 0
الوطن بلا أمن واستقرار هو غابــة يعيش فيــها القـوي ويهان فيها الضعيف كما
كان سالف هذه البلاد ، ونحمد الله على الأمن الذي نعيشه في بلادنا أدام الله
أمنها واستقرارها 0
فأين المرجفون الإرهابيون المنتحرون من نعمة الأمن التي هم الآن يفتقدونها0
حب الوطن كحب النفس والمال ونحوه ، قال أحدهم : سمعت أعرابياً يقول : ( إذا
أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه ، وتشوقه إلى إخوانه ، وبكاؤه
على ما مضى من زمانه ) ، وقيل ثلاث خصال في ثلاث أصناف من الحيوان : الإبل تحن
إلى أوطانها ، وإن كان عهدها بها بعيداً، والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدباً
، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر نفعاً ، ولما أشتاق النبي صلى الله عليه
وسلم إلى مكة محل مولده ومنشئه أنزل الله تعالى عليه قوله ( إن الذي فرض عليك
القرآن لرادّك إلى معاد ) أي إلى مكة ، وفي الأثر قَدِم أُصيل الغفاري (
بالتصغير ) على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قبل أن يضرب الحجاب ،
فقالت له عائشة كيف تركت مكة ؟ قال : أخضرت جنباتها ، وابيضت بطحاؤها وأغدق
أذخرها وانتشر سلمها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( حسبك يا أصيل لا
تحزني ) وفي رواية ( وبها يا أصيل تدع القلوب تقر) ، فألفة الموطن الأول
والحنين إليه مركوزة في الفطر وإليه يشير قول الشاعر:
وكم من منزل في الأرض يألفه ،،،،،، الفتى وحنينه أبداً لأول منزل
همسة :
جاءت في عصورنا المتأخرة وطنية مقيتة ، وطنية لا تنظر إلى المسلمين نظرةً شاملة
بل وطنية حزبية تريد أن تقسم الأمة إلى أمم ، فأصبحنا نسمع بالأمتين العربية
والإسلامية ، وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل انقسمت كل أمة على نفسها فإذا
بالأمة العربية أصبحت أمماً على عدد دولهم ، وليت الأمر وقف عند هذا الحد ولكنه
شد وامتد حتى أطلت الإقليمية في البلد الواحد ، فهذه وطنية مقيتة مغلفة مبنية
على الحزبية أو القبلية أو الفكرية أو ما شذ من الآراء والأفكار المدمرة ،
فنحمد الله أن وطنيتنا في بلدنا هذا مبنية على طاعة الله عز وجل وحبه ، كوطنية
السلف الصالح لربهم ودينهم وبلدهم الإسلامي ، ونريد لوطنيتنا ولبلدنا المسلم أن
تبقى مادامت السماوات والأرض 0
كتبه
محمد بن فنخور العبدلي
المعهد العلمي في محافظة القريات
ALFANKOR@HOTMAIL.COM