الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
إذا طغى المنهج التكفيري على المنهج العقلي الفطري ، فإن المساجد التي أعدت
للعبادة ، ومُنِعْنا من إنشاد ضالتنا فيها ، ( من سمع رجلاً ينشد ضالة في
المسجد فليقل : لا ردها الله عليك ) ، ونُهِينا من أن نجعلها مقراً للتجارة
، ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك )
، سوف تتحول المساجد من التهليل والذكر والتكبير ، إلى التخويف والتكفير
والتفجير ، إننا نواجه مشكلة مجتمعية خطيرة ، ألا وهي حماية الدين والوطن ،
ولكن ممّن نحميه ، أنحميه من العدو الخارجي ، أم نحميه من العدو الداخلي ،
الأشرس والأخطر من العدو الخارجي ، فالعدو الخارجي معلوم باسمه ورسمه ، أما
العدو الداخلي فيتكلم بلساننا ، ويلبس من ملابسنا ، ويأكل من أكلنا ، ويسكن
بيننا ، إنه من أبنائنا الذين استغفلوا وغرر بهم ، فهل نحن مضطرون لحماية
الوطن من الأبناء بدلاً من حمايته من الأعداء ، هل نحن مضطرون أن نحميه من
تلك العقول المشوشة التي تلبسها الشيطان ، فأقنعها أن الجنّة فوق جثث
المسلمين ، وسلم منها المجوس وبني صهيون ، تلك العقول التي لم تفهم نهي
النبي صلى الله عليه وسلم من المرور بين يدي المصلي فكيف بقتله ، تلك
العقول التي لم تدرك حرمة سفك الدماء ، وعقوبة القتل بلا حق ، قال تعالى (
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا
فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا
عَظِيمًا ) ، تلك العقول التي لم تعِ قول الحق تبارك وتعالى ( وَإِذْ
جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن
مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ
وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) فحولت تطهير المساجد إلى التخريب والتفجير ، ألم
يدرك هذا المفجر المنتحر ، أنه عندما قتل المسلمين المصلين ، قد شابه أبا
لؤلؤة المجوسي قاتل الخليفة الفاروق عمر رضي الله عنه وهو يؤم المسلمين في
صلاة الفجر بالمدينة ، وشابه عبد الرحمن بن ملجم الخارجي قاتل الخليفة علي
ابن أبي طالب رضي الله عنه في صلاة الفجر بمسجد الكوفة 0.
إن التفجير الإرهابي الذي حدث الخميس 21/10/1436هـ في مسجد القوات الخاصة
بأبها وأدي إلى استشهاد مجموعة من أفراد الأمن والعاملين بالموقع ، فعل لا
يقوم به إلا جاهل بالدين ، أو حاقد على أمته ، قد أعمى الحقد قلبه ، وانحرف
فكره ، فاستباح حرمة المساجد التي أعدت للعبادة ، قال تعالى ( وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا
إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ
عَذَابٌ عَظِيم ) 0.
نعم إننا أمام مشكلة عظيمة وخطيرة يجب أن تُسْتَثار لها جميع طاقات الوطن
والمواطن ، فعلينا نحن كمسلمين ومواطنين أن نحمي بلدنا ، لأنه أمانة في
أعناقنا ، ووطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه ، اللهم انتقم من المحرضين
والمفجرين والإرهابيين وكل من أيدهم أو تعاطف معهم من الخونة والمنافقين يا
رب العالمين .