الحمد لله أحلّ الطيبات وحرّم الخبائث ، أحمده وأشكره ، وأثني عليه
وأستغفره ، وأشهَد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، وأشهَد أنَّ
محمَّدًا عبدُه ورسوله ، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلّم تسليمًا
كثيرًا أمَّا بعد
الهدف الأكبر الذي يتطلع إليه أعداؤنا ، هو تغييب عقول الشباب ، وانتزاع
طاقاتهم وإمكاناتهم ، وإلقاؤها في بحر الإدمان الآسن ؛ حيث لا إبداع ، ولا
إعمال للعقول ، إن الخطر في إدمان المخدرات هو تغييبها للعقل ، من النهوض
العلمي ، والتركيز على تنمية مقدرات الأمة ، مع انتشار الفواحش والأمراض
بين أفراد المجتمع ، إن النهضة الإسلامية المرتقبة ، تحتاج إلى شباب واعٍ ،
يسير في طريقها بعقلٍ كاملٍ يقظٍ منتبه ، يستفيد من ماضي أمته المجيد ،
ويبدع في واقعها المعاصر ، ويستشرف مستقبلها في صبح مشرق ، بالعقل تميّز
الإنسان وتكرّم ، وترقّى في شأنه وتعلّم ، جعله الشارع الحكيم ضرورةً كبرى
، بالعقل يميّز الإنسان بين الخير والشرّ والنفع والضرّ ، به يتبيّن أوامرَ
الشرع ، ويسعى في مصالحه الدينيّة والدنيويّة ، وإذا زال العقل لم يكن بينه
وبين البهائم فرق ( أولئك كالأنعام بل هم أضل ) فيصبح عالةً يُخشى شرّه ولا
يُرجى خيره ، لَقَد أَضحَت المُخَدِّرَاتِ مِن أَخطَرِ الحُرُوبِ ، يُدرِكُ
ذَلِكَ مَن وَقَفَ في المَيدَانَ ، مِن رِجَالِ الأَمنِ وَمُكَافَحَةِ
المُخَدِّرَاتِ ، أَو مِنَ العَامِلِينَ في جَمعِيَّاتِ مُكَافَحَةِ
المخدرات وَأَطِبَّاءِ المُستَشفَيَاتِ ، بَل يَشعُرُ بِشَرَاسَةِ تِلكِ
الحَربِ كُلُّ مَن يَسمَعُ بِهَذِهِ الكَمِيَّاتِ الهَائِلَةِ وَالأَنوَاعِ
الكَثِيرَةِ الَّتي تُضبط في المنافذ الحدودية ، فَضلاً عَن تِلكَ الَّتي
تُرَوَّجُ وَتَنتَشِرُ ، وَيَقَعُ ضَحِيَّتها فِئَة الشباب ، إن آفةُ
المجتمعات هي المخدّرات ، أصل الشرور والمصائب ، شتَّتتِ الأسَر ، وهتكتِ
الأعراض ، وأباحت السرقات ، وجرّأت على القتل ، وتسببت بانتشار الانتحار ،
أنتجت كلّ بليّةٍ ، ذمّها العقلاء ، وترفّع عنها النبلاء ، حرمها الإسلام
وذمّها ولعنها ، ولعن متعاطيها ومروجها ومشتريها فهي أشد من الخمر وأنكى ،
عندما نتحدّث عن المسكرات والمخدّرات فإننا نتحدث عن آهات وونات ، وشكاوى
ضجّت منها البيوت ، واصطلى بنارها متعاطيها ومعاشريه ، وأحالت حياتَهم
جحيمًا لا يُطاق ، فوالدٌ يشكي وأمٌّ تبكي ، وزوجةٌ حيرى وأولادٌ تائهون في
ضيعةٍ كبرى ، للمخدرات أضرار على متعاطيها وعلى المجتمع ؛ فمن أضرارها على
متعاطيها ذَهابُ عقله ، وتبدُّل طبائعه ، وتخليه عن صفات الصالحين ، والسفه
في التصرف ؛ فيفعل ما يضره ويترك ما ينفعه ، فيفقد الفكر الصحيح والرأي
السديد ، ويحجب عن عواقب الأمور ، وتفقده الأمانة ، وتجعله يفرط فيما يجب
حفظه ورعايته ؛ فلا يؤمن على مصلحة ولا مال ولا عمل ، بل لا يؤمن على
محارمه وأسرته ، متعاطيها عالةً على المجتمع ؛ لا يقدم لمجتمعه خيراً ،
ويكون منبوذا ومكروهاً حتى من أقرب الناس إليه ، متعاطيها يبدد ماله ولا
قدرة له على الكسب الشريف فيلجأ إلى الكسب الحرام كالسرقة والنصب والاحتيال
، يصاحب شرار الناس ، صحته في تدهور ، كأمراض الفم والأسنان والجهاز الهضمي
وسوء التغذية والرعشة ، عمره قصير يتوقع إصابته بالموت المفاجئ في أي لحظة
، فاقد للرجولة والفحولة ، مهموم مكتئب ، الطاعة عنده ثقيلة مكروهة ، يكره
الصالحين ولا يحب مجالستهم ، يبتعد عن مجالس الذكر ومواطن العبادة ، فهو
مضطرب نفسيا مهووس عقليا ، وأما ضررها على المجتمع فيكفينا ضياع الأسر
وانحراف الناشئة ، ونزول العقوبات والفتن ، والبطالة والعطالة والركون
للكسل والتسول 0
أهم هذه المخدرات وأكثرها انتشارا بين الشباب وخصوصا أيام الامتحانات هي
منشطات الجهاز العصبي وأكثرها انتشارا هي الكبتاجون الذي يسمى عند
المتعاطين بأبي ملف ، الأبيض ، أبو داب ، قضوم ، القشطة ، أبو قوسين ،
المتخفي ، أبو وجه ، أبو زهرة ، أبو مقص ، أبو شمس ، أبو استفهام ، أبو
كرسي وحديثا يسمى الليكزس أو ( في اكس آر ) ، والمروجين لها خبثاء يخاطبون
كل فئة بما تحب فمثلا للبنات حبوب وردية بمسميات نسائية وللشباب ألوان
بيضاء بمسميات جذابة ونحو ذلك فانتبه أيها الأب لهذه الأسماء وأحفظها وكن
مستعد لها 0
العلاج
أيها المدمن : إن العلاج من الإدمان ليس عيباً ولا حراما بل هو واجب وشرف
وفضيلة ، فمواجهة الخطأ وعلاجه أفضل من الاستمرار عليه 0
وسائل العلاج كثيرة ومنها التحذير من المخدرات ورفع الوعي ومراقبة الأبناء
ومعرفة من يزورهم ومن يخرجون معه وكيفية طريقة نومهم وأكلهم واكتشاف
المشكلة ومعالجتها ، تعاونوا على محاربة المخدرات بكل وسيلة ، لأن ضررها
عام فلابد من التعاون العام ، وإرشاد المجتمع بكل فئاته عن طريق وسائل
الإعلام بأن المخدرات سم قاتل ، ولابد من توفير فرص العمل والدراسة ومحاربة
البطالة والفراغ ، ولابد من تعريف الناس أن المخدرات من أعظم الذنوب
وصاحبها ملعون ، ونشر الفضائل بكل أنواعها بين الناس ومحاربة الرذائل بكل
أنواعها فإن الحسنة تلد الحسنة والسيئة تلد السيئة ( مستفادة من عدة خطب
ومقالات )0