|
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلة البحوث الفقهية المعاصرة ، يتيمة مجهولة في
بئر معطلة وقصر مشيد
كنت أحرص في بحوثي أثناء عملي في الهيئة
الشرعية بمصرف الراجحي على الرجوع للبحوث المحكمة في المجلات الفقهية
والقضائية، وأول مجلة أبدأ في البحث فيها مجلة البحوث الفقهية المعاصرة،
واستمرت العلاقة مع هذه المجلة بعد عملي في المحاماة والاستشارات والصياغات
التنظيمية.
وأثناء عملي في الهيئة الشرعية بمصرف
الراجحي كنت أجالس معالي شيخنا الدكتور عبدالله الركبان بعد صلاة الظهر من
كل يوم، وأستعرض عليه الجديد في كتب النوازل الفقهية المؤتمرات الفقهية،
والمجلات المحكمة وعلى رأسها: مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، وكان شيخنا
يهتم لها، ويحرص عليها لما تحويه من بحوث محكمة وفي مسائل دقيقة مستجدة.
ثم جمعت للزملاء العاملين في القطاع
العدلي والباحثين في الفقه والقانون: خزانة البحوث الفقهية والقانونية
المحكمة، إذ تعد البحوث المحكمة منهل المحامي الناجح، والقراءة للمحامي
كالماء والهواء، لا يستغنى عنها، والمجلات الفقهية والقانونية منها ما صادر
في بلادنا ومنها ما يصدر في دول أخرى، ليست متوافرة بسهولة، ولذا فقد
جمعنا المجلات التي لها روابط الكترونية تسهيلا للباحثين. وأهديتها برسالة
جماعية للزملاء، ونشرتها في صفحتي في الألوكة وصفحتي في صيد الفوائد وحسابي
في منصة X
والخزانة على الرابط:
https://drive.google.com/file/d/1VQhSoKd6GPL6GkEKP8UZAxXFPcx75kIw/view
وفي هذا اليوم السبت 19/11/1446هـ صليت
الظهر مع أستاذنا الشيخ د. عبدالعزيز السدحان، وتحدثنا عن هذه المجلة وبركة
مؤسسها، مع عدم ظهوره واشتهاره، فلا تكاد تجد له صورة أو لقاء عاما أو
مقابلة صحفية، مع عظم ما قدمه للفقه الإسلامي.
وازداد عجبي من كونه من بلدتنا (ضرماء)
ولم يحصل لي شرف اللقاء به والنهل من تجربته، مع كونه درس في ضرماء والحرم
المكي وأدرك شيخ مشايخنا سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – وحضر
دروسه، ودرس على شيخنا سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز – رحمه الله – ومن
أوائل الملتحقين بمعهد إمام الدعوة، ودرس على علماء دمشق ومنهم العلامة
الفقيه الشيخ مصطفى الزرقا – رحمه الله - ثم درس القانون في الولايات
المتحدة الأمريكية، حتى حصوله على الدكتوراه.
وهي مسيرة حافلة، إذ قل من علمائنا من
جمع بين الفقه المؤصل السلفي على علماء بلادنا، وجالس علماء الشام في فترة
ذهبية، ثم درس القانون في أفضل الجامعات الأمريكية.
والشيخ مبارك في إصداره للمجلة، وهذا
حال المؤمن، فقد قال ال الله تعالى في خبره عن عبده ونبيه عيسى بن مريم
عليه السلام : وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي
بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا مريم/31 .
والمؤمن بركته كبركة النخلة، من جهة
الانتفاع بكل أجزائها، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ
يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ
؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ
قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: هِيَ
النَّخْلَةُ ". رواه البخاري (61)، ومسلم (2811).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وبركة
النخلة موجودة في جميع أجزائها، مستمرة في جميع أحوالها؛ فمن حين تطلع، إلى
أن تيبس: تؤكل أنواعا. ثم بعد ذلك ينتفع بجميع أجزائها، حتى النوى في علف
الدواب، والليف في الحبال ، وغير ذلك مما لا يخفى . وكذلك بركة المسلم عامة
في جميع الأحوال ، ونفعه مستمر له ولغيره حتى بعد موته " انتهى، من "فتح
الباري" (1/146).
وإذا رأينا مثل الشيخ عبدالرحمن النفيسة
تذكرنا حديث أبي رَزينٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَل
المؤمن مَثَل النحلة، لا تأكُلُ إلا طيِّبًا، ولا تضَعُ إلا طيِّبًا) (صحيح
ابن حبان (247)، والمعجم الكبير للطبراني (459)، وحسنه الأرناؤوط). وفي
رواية أخرى: ((والذي نفسُ محمد بيده، إن مَثَل المؤمن لكمَثَل النَّحلة،
أكلَتْ طيبًا، ووضعَتْ طيبًا، ووقعَتْ فلم تكسِرْ ولم تُفسِدْ)) (مسند أحمد
(6872)، وقال الشيخ / أحمد شاكر: إسناده صحيح).
قال المناوي - رحمه الله – في فيض
القدير شرح الجامع الصغير، للعلامة المناوي، (ج5، ص511)، المكتبة التجارية
الكبرى - مصر، ط1/ 1356هـ.:
"ووجه الشبه: حذق النحل، وفِطنته، وقلة
أذاه، وحقارته، ومنفعته، وقنوعه، وسعيه في الليل، وتنزُّهه عن الأقذار،
وطيب أكله، وأنه لا يأكل مِن كسب غيره، وطاعته لأميره، وأن للنحل آفاتٍ
تقطعه عن عمله، منها: الظلمة، والغَيْم، والريح، والدخَان، والماء، والنار،
وكذلك المؤمن له آفات تُفقِره عن عمله؛ ظلمة الغفلة، وغَيْم الشك، وريح
الفتنة، ودخَان الحرام، ونار الهوى".
ومن حق هذه القامة العلمية التي خدمت
الفقه الإسلامي هذه الخدمة العظيمة أن نكتب شيئا من سيرته، فهو الشيخ
الدكتور عبد الرحمن بن حسن آل نفيسة، ولد في بلدتنا (ضرماء)، ثم حفظ القرآن
على والده، وأتقنه في الحرم المكي على الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة، درس
مبادئ العلوم على بعض قضاة ضرماء، ثم انتقل إلى الرياض وحضر بعض دروس الشيخ
محمد بن إبراهيم والشيخ عبدالعزيز ابن باز وغيرهما من علماء الرياض رحمة
الله عليهم، والتحق بمعهد إمام الدعوة ودرس الفقه على الشيخ عبد الله
النصيبي رحمه الله واللغة والأدب والعلوم الأخرى على الشيخ حماد الأنصاري
وإسماعيل الأنصاري رحمهما الله. ثم رحل إلى جامعة دمشق وحصل على شهادة
الليسانس في الحقوق عام 1970م، فتم تعيينه مستشارًا في الأمانة العامة
لمجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية، وإلى جانب عمله، عين عضوًا
قضائيًّا في هيئة مكافحة الرشوة في ديوان المظالم.
ثم درس في (جورج تاون) GEORGE TOWN في
واشنطن، ونال شهادة الماجستير في الحقوق المقارنة ( MCL) عام 1974م ،ثم
التحق بجامعة (تولين) TULANE في ولاية لويزيانا ونال منها درجة الماجستير
في الحقوق ، LLM عام 1980م ثم أكمل دراسته فنال شهادة الدكتوراه SJD في علم
القضاء من جامعة (ديوك) DUKE في ولاية (نورث كارولينا) عام 1980 م وكانت
رسالته عن الإرهاب من حيث القانون والعدالة.
وبعد ذلك تم تعينه عام 1982م مستشارًا
في ديوان رئاسة مجلس الوزراء.
وفي عام 1409ه الموافق 1989م أنشأ
(مجلة البحوث الفقهية المعاصرة)، وهي مجلة علمية محكمة متخصصة في الفقه
الإسلامي باللغتين العربية والإنجليزية، وتهتم هذه المجلة بنشر بحوث
الفقهاء وأساتذة الجامعات في البلاد الإسلامية.
ثم صدر أمر ملكي بتاريخ 1995 م بتعيينه
مستشارًا في الديوان الملكي في المملكة العربية السعودية بدرجة وزير ، وفي
أثناء عمله قام في المساء بتدريس طلبة الماجستير للدراسة المقارنة في معهد
الإدارة العامة.
وأما مؤلفاته فأهمها:
1.
التفسير المبين في عشر ة
مجلدات.
2.
رسالة في فقه الشهادتين
3.
رسالة في فقه الإيمان
بالله
4.
رسالة الإمام السجزي إلى
أهل زبيد.
5.
ـ رسالة في الفحص الطبي
قبل الزواج
6.
رسالة في فقه الحجاب
7.
الرسائل الخمس في فقه
أركان الإسلام
8.
رسالة إلى أهل السنة
والجماعة في جنوب الهند باللغتين العربية والتاميلية
9.
الحجة النبوية وما فيها
من أحكام
10.
رسالة في الزيادة التي
تدفعها البنوك في البلاد غير الإسلامية، وما إذا كانت تجوز للمسلم
11.
رسالة في حكم علاج السحر
بسحر مثله
12.
رسالة في مسألة الردة،
وما يقال عن حرية الاعتقاد
13.
رسالة في فقه الفتن
14.
خمس مئة وخمس وأربعون
مسألة (فتوى) منشورة في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة.
15.
ومن أهم ما أثرى به الشيخ
المكتبة الفقهية مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، وأعدادها على الرابط:
https://alfiqhia.com/ar/issues
والمجلة تحوي كما هائلا من البحوث
الفقهية في نوازل لا تكاد تجدها في غيرها، فأسأل الله أن يجزي الشيخ
الدكتور عبدالرحمن النفيسة خير الجزاء، وأطال في عمره وبارك فيه ونفع به.