ما قل ودل من كتاب " أدب الدنيا والدين " للماوردي (7) طبعة دار إقرأ- بيروت، 1405هـ - 1985م.
أيمن الشعبان @aiman_alshaban
بسم الله الرحمن الرحيم
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: لَا يَنْبَغِي لِلشَّرِيفِ أَنْ يَرَى شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ خَطِيرًا فَيَكُونُ بِهَا نَابِهًا. قَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ لِعِيسَى بْنِ مُوسَى: تَوَاضُعُك فِي شَرَفِك أَشْرَفُ لَك مِنْ شَرَفِك. كَانَ يُقَالُ: اسْمَانِ مُتَضَادَّانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ: التَّوَاضُعُ وَالشَّرَفُ. لِلْكِبْرِ أَسْبَابٌ: فَمِنْ أَقْوَى أَسْبَابِهِ عُلُوُّ الْيَدِ، وَنُفُوذُ الْأَمْرِ، وَقِلَّةُ مُخَالَطَةِ الْأَكْفَاءِ. حُكِيَ أَنَّ قَوْمًا مَشَوْا خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: أَبْعِدُوا عَنِّي خَفْقَ نِعَالِكُمْ فَإِنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِقُلُوبِ نَوْكَى الرِّجَالِ. مشى قومٌ خَلْفَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: ارْجِعُوا فَإِنَّهَا زِلَّةٌ لِلتَّابِعِ وَفِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوعِ. ص249. قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمَدْحُ ذَبْحُ. قَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ: قَابِلُ الْمَدْحِ كَمَادِحِ نَفْسِهِ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ رَضِيَ أَنْ يُمْدَحَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ أَمْكَنَ السَّاخِرَ مِنْهُ. ص250. كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَهْدَى إلَيْنَا مَسَاوِئَنَا. قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: أَتُحِبُّ أَنْ تُهْدَى إلَيْك عُيُوبُك؟ قَالَ: نَعَمْ، مِنْ نَاصِحٍ. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: مَنْ أَظْهَرَ عَيْبَ نَفْسِهِ فَقَدْ زَكَّاهَا. ص251. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ: التَّوَاضُعُ مَصَائِدُ الشَّرَفِ. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: مَنْ دَامَ تَوَاضُعُهُ كَثُرَ صَدِيقُهُ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: فِي تَقَلُّبِ الْأَحْوَالِ تُعْرَفُ جَوَاهِرُ الرِّجَالِ. قَالَ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ: مَنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ فَوْقَ قُدْرَةٍ تَكَبَّرَ لَهَا، وَمَنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ دُونَ قُدْرَةٍ تَوَاضَعَ لَهَا. قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَدْوَأِ الدَّاءِ؟ قَالُوا بَلَى. قَالَ الْخُلُقُ الدَّنِيُّ وَاللِّسَانُ الْبَذِيُّ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: عَاشِرْ أَهْلَك بِأَحْسَنِ أَخْلَاقِك فَإِنَّ الثَّوَاءَ فِيهِمْ قَلِيلٌ. إِذَا حَسُنَتْ أَخْلَاقُ الْإِنْسَانِ كَثُرَ مُصَافُوهُ، وَقَلَّ مُعَادُوهُ، فَتَسَهَّلَتْ عَلَيْهِ الْأُمُورُ الصِّعَابُ، وَلَانَتْ لَهُ الْقُلُوبُ الْغِضَابُ. ص252. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مِنْ سَعَةِ الْأَخْلَاقِ كُنُوزُ الْأَرْزَاقِ. ص253. حَكَى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عُزِلَ عَنْ وِلَايَةٍ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: إنِّي وَجَدْتهَا حُلْوَةَ الرَّضَاعِ مَرَّةَ الْفِطَامِ. ص254. قِيلَ: قَلَّمَا تَصْدُقُ الْأُمْنِيَّةُ وَلَكِنْ قَدْ يُعْتَاضُ بِهَا سَلْوَةً مِنْ هَمٍّ أَوْ مَسَرَّةٍ بِرَجَاءٍ. قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: الْحُزْنُ كَالدَّاءِ الْمَخْزُونِ فِي فُؤَادِ الْمَحْزُونِ. ص255. قَالَتْ الْعَرَبُ فِي أَمْثَالِهَا: تُخْبِرُ عَنْ مَجْهُولِهِ مَرَآتُهُ. ص256. سِمَةُ الْخَيْرِ الدَّعَةُ وَالْحَيَاءُ، وَسِمَةُ الشَّرِّ الْقِحَةُ وَالْبَذَاءُ. كَفَى بِالْحَيَاءِ خَيْرًا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخَيْرِ دَلِيلًا، وَكَفَى بِالْقِحَةِ وَالْبَذَاءِ شَرًّا أَنْ يَكُونَا إلَى الشَّرِّ سَبِيلًا. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ كَسَاهُ الْحَيَاءُ ثَوْبَهُ لَمْ يَرَ النَّاسُ عَيْبَهُ. قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: حَيَاةُ الْوَجْهِ بِحَيَائِهِ، كَمَا أَنَّ حَيَاةَ الْغَرْسِ بِمَائِهِ. قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ الْعُلَمَاءُ: يَا عَجَبًا كَيْفَ لَا تَسْتَحْيِي مِنْ كَثْرَةِ مَا لَا تَسْتَحْيِي وَوتتقي مِنْ طُولِ مَا لَا تتقي. ص257. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لِيَكُنْ اسْتِحْيَاؤُك مِنْ نَفْسِك أَكْثَرَ مِنْ اسْتِحْيَائِك مِنْ غَيْرِك. قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَنْ عَمِلَ فِي السِّرِّ عَمَلًا يَسْتَحِي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَلَيْسَ لِنَفْسِهِ عِنْدَهُ قَدْرٌ. ص260. قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَنْ غَرَسَ شَجَرَةَ الْحِلْمِ اجْتَنَى ثَمَرَةَ السِّلْمِ. قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَا ذَبٌّ عَنْ الْأَعْرَاضِ كَالصَّفْحِ وَالْإِعْرَاضِ. الْحِلْمُ مِنْ أَشْرَفِ الْأَخْلَاقِ وَأَحَقِّهَا بِذَوِي الْأَلْبَابِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَامَةِ الْعِرْضِ وَرَاحَةِ الْجَسَدِ وَاجْتِلَابِ الْحَمْدِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ – رضي الله عنه -: أَوَّلُ عِوَضِ الْحَلِيمِ عَنْ حِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: مِنْ أَوْكَدِ الْحِلْمِ رَحْمَةُ الْجُهَّالِ. ص261. شَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ: إنْ كُنْت مَا قُلْت فَغَفَرَ اللَّهُ لِي، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْت فَغَفَرَ اللَّهُ لَك. اغْتَاظَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَلَى خَادِمٍ لَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى نَفْسِهَا فَقَالَتْ: لِلَّهِ دَرُّ التَّقْوَى مَا تَرَكَتْ لِذِي غَيْظٍ شِفَاءً. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لَيْسَ مِنْ الْكَرَمِ عُقُوبَةُ مَنْ لَا يَجِدْ امْتِنَاعًا مِنْ السَّطْوَةِ. قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: أَحْسَنُ الْمَكَارِمِ عَفْوُ الْمُقْتَدِرِ، وُجُودُ الْمُفْتَقِرِ. قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: شَرَفُ النَّفْسِ أَنْ تَحْمِلَ الْمَكَارِهَ كَمَا تَحْمِلُ الْمَكَارِمَ. قِيلَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى يَحْيَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَيِّدًا لِحِلْمِهِ. أَكْثَرَ رَجُلٌ مِنْ سَبِّ الْأَحْنَفِ وَهُوَ لَا يُجِيبُهُ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا مَنَعَهُ مِنْ جَوَابِي إلَّا هَوَانِي عَلَيْهِ. أَسْمَعَ رَجُلٌ ابْنَ هُبَيْرَةَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إيَّاكَ أَعَنَى. فَقَالَ لَهُ: وَعَنْك أُعْرِضْ. ص262. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: احْتِمَالُ السَّفِيهِ خَيْرٌ مِنْ التَّحَلِّي بِصُورَتِهِ، وَالْإِغْضَاءُ عَنْ الْجَاهِلِ خَيْرٌ مِنْ مُشَاكَلَتِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَا أَفْحَشَ حَلِيمٌ وَلَا أَوْحَشَ كَرِيمٌ. قِيلَ لِلْإِسْكَنْدَرِ: إنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا يُنْقِصَانِك وَيَثْلُبَانِكَ فَلَوْ عَاقَبْتَهُمَا. فَقَالَ: هُمَا بَعْدَ الْعُقُوبَةِ أَعْذَرُ فِي تَنَقُّصِي وَثَلْبِي. ص263. قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا أَدْرَكْت أُمِّي فَأَبَرُّهَا، وَلَكِنْ لَا أَسُبُّ أَحَدًا فَيَسُبُّهَا. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: فِي إعْرَاضِك صَوْنُ أَعْرَاضِك. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: الْحِلْمُ حِجَابُ الْآفَاتِ. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: أَكْرَمُ الشِّيَمِ أَرْعَاهَا لِلذِّمَمِ. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: مَنْ ظَهَرَ غَضَبُهُ قَلَّ كَيْدُهُ. ص264. قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: غَضَبُ الْجَاهِلِ فِي قَوْلِهِ، وَغَضَبُ الْعَاقِلِ فِي فِعْلِهِ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إذَا سَكَتَّ عَنْ الْجَاهِلِ فَقَدْ أَوْسَعْتَهُ جَوَابًا وَأَوْجَعْتَهُ عِقَابًا. ص265. قَالَ الْمَنْصُورُ: إذَا كَانَ الْحِلْمُ مَفْسَدَةً كَانَ الْعَفْوُ مَعْجَزَةً. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْعَفْوُ يُفْسِدُ مِنْ اللَّئِيمِ بِقَدْرِ إصْلَاحِهِ مِنْ الْكَرِيمِ. قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَكْرِمُوا سُفَهَاءَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَقُونَكُمْ الْعَارَ وَالشَّنَارَ. ص266. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ كَثُرَ شَطَطُهُ كَثُرَ غَلَطُهُ. رُوِيَ أَنَّ سَلْمَانَ قَالَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا الَّذِي يُبَاعِدُنِي عَنْ غَضَبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: لَا تَغْضَبْ. قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إذَا غَضِبَ. قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءُ: مَنْ رَدَّ غَضَبَهُ هَدَّ مَنْ أَغْضَبَهُ. قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَا هَيَّجَ جَأْشَك كَغَيْظٍ أَجَاشَكَ. قَالَ رَجُلٌ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ عِظْنِي. قَالَ: لَا تَغْضَبْ. قالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: فِي إغْضَابِك رَاحَةُ أَعْصَابِك. ص267. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ ذَكَرَ قُدْرَةَ اللَّهِ لَمْ يَسْتَعْمِلْ قُدْرَتَهُ فِي ظُلْمِ عِبَادِ اللَّهِ. قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ رَضِيَ مِنْ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ. 268. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْغَضَبُ عَلَى مَنْ لَا تَمْلِكُ عَجْزٌ، وَعَلَى مَنْ تَمْلِكُ لُؤْمٌ. قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: إيَّاكَ وَعِزَّةَ الْغَضَبِ فَإِنَّهَا تُفْضِي إلَى ذُلِّ الْعُذْرِ. قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْكِرَامِ سُرْعَةُ الِانْتِقَامِ، وَلَا مِنْ شُرُوطِ الْكَرَمِ إزَالَةُ النِّعَمِ. ص269. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: الْكَذَّابُ لِصٌّ؛ لِأَنَّ اللِّصَّ يَسْرِقُ مَالَك، وَالْكَذَّابُ يَسْرِقُ عَقْلَك. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْخَرَسُ خَيْرٌ مِنْ الْكَذِبِ وَصِدْقُ اللِّسَانِ أَوَّلُ السَّعَادَةِ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: الصَّادِقُ مُصَانٌ جليلٌ، وَالْكَاذِبُ مُهَانٌ ذَلِيلٌ. قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: لَا سَيْفَ كَالْحَقِّ، وَلَا عَوْنَ كَالصِّدْقِ. ص270. قِيلَ: مَنْ قَلَّ صِدْقُهُ قَلَّ صَدِيقُهُ. ص271. قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لِيَكُنْ مَرْجِعُك إلَى الْحَقِّ وَمَنْزَعُكَ إلَى الصِّدْقِ، فَالْحَقُّ أَقْوَى مُعِينٍ، وَالصِّدْقُ أَفْضَلُ قَرِينٍ. ص272. قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَأَنْ يَضَعَنِي الصِّدْقُ وَقَلَّمَا يَفْعَلُ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَرْفَعَنِي الْكَذِبُ وَقَلَّمَا يَفْعَلُ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الصِّدْقُ مُنْجِيك وَإِنْ خِفْته، وَالْكَذِبُ مُرْدِيك وَإِنْ أَمِنْته. قَالَ الْجَاحِظُ: لَمْ يَكْذِبْ أَحَدٌ قَطُّ إلَّا لِصِغَرِ قَدْرِ نَفْسِهِ عِنْدَهُ. قَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ: لَا تَتَهَاوَنْ بِإِرْسَالِ الْكِذْبَةِ مِنْ الْهَزْلِ فَإِنَّهَا تُسْرِعُ إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ. قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: مَنْ اسْتَحْلَى رَضَاعَ الْكَذِبِ عَسِرَ فِطَامُهُ. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: لَا يَلْزَمُ الْكَذَّابَ شَيْءٌ إلَّا غَلَبَ عَلَيْهِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: الْكَذَّابُ كَالسَّرَابِ. قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: الْعَيْنَانِ أَنَمُّ مِنْ اللِّسَانِ. قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: الْوُجُوهُ مَرَايَا تُرِيك أَسْرَارَ الْبَرَايَا. ص273. قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ مَا يَكْفِي أَنْ يَعِفَّ الرَّجُلَ عَنْ الْكَذِبِ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: الْكَلَامُ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ يُصَرَّحَ فِيهِ بِالْكَذِبِ. ص274. قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: الْغِيبَةُ رَعْيُ اللِّئَامِ. كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، يَقُولُ: الْغِيبَةُ فَاكِهَةُ النِّسَاءِ. قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ سِيرِينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنِّي اغْتَبْتُك فَاجْعَلْنِي فِي حِلٍّ؟ فَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ أَحِلَّ لَك مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْك. وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: لَا تُعِنْ النَّاسَ عَلَى عَيْبِك بِسُوءِ غَيْبِك. قِيلَ لِأَنُوشِرْوَان: مَا الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ؟ قَالَ: مَا ضَرَّنِي وَلَمْ يَنْفَعْ غَيْرِي، أَوْ ضَرَّ غَيْرِي وَلَمْ يَنْفَعْنِي، فَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خَيْرًا. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: لَا تُبْدِ مِنْ الْعُيُوبِ مَا سَتَرَهُ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. ص275 سُئِلَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ عَنْ صِفَةِ اللَّئِيمِ، فَقَالَ: اللَّئِيمُ إذَا غَابَ عَابَ، وَإِذَا حَضَرَ اغْتَابَ. قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: النَّمِيمَةُ سَيْفٌ قَاتِلٌ. قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: لَمْ يَمْشِ مَاشٍ شَرٌّ مِنْ وَاشٍ. ص276. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الصِّدْقُ يُزَيِّنُ كُلَّ أَحَدٍ إلَّا السُّعَاةَ، فَإِنَّ السَّاعِيَ أَذَمُّ وَآثَمُ مَا يَكُونُ إذَا صَدَقَ. قَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: النَّمِيمَةُ دَنَاءَةٌ وَالسِّعَايَةُ رَدَاءَةٌ، وَهُمَا رَأْسُ الْغَدْرِ وَأَسَاسُ الشَّرِّ فَتَجَنَّبْ سُبُلَهُمَا، وَاجْتَنِبْ أَهْلَهُمَا. ص277. 25 شعبان 1441هـ 18/4/2020م