✍الكائنات كلها تسجد لله طوعاً وإذعاناً
، وتعظيماً وإجلالاً . ويسبح الكون كله لله ، بسمائه وأرضه ، وسحابه
وماءه ، وهواءه وشجره . نقرأ قوله تعالى :
" وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ "
فنذعن لهذه العظمة ، وذاك الكبرياء .
ونتأمل قوله تعالى :
" تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ
وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ
وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا
" فإذا ملِكاً جليلاً قد عرفت المخلوقات عظمته
فتمتمت بالتسبيح ، واستغرقت بالتقديس . فهل تفكرنا في هذا السجود ، وذاك التسبيح ،
الخاضع قائلُه لربه !
🌿إنّ عظمت الله تسكن كل قلب حي ، وذو إحساس وشعور
إلا عصاة بني آدم . ولو تأمّل ذلك المسكين في عظمة الله لسجد سجدة
لايقوم منها إلى يوم القيامة . جبريلُ عليه السلام - أعظمُ الملائكة خِلقةً
وعظمة - مرّ به رسولُ الله صلى الله عليه
وسلم ليلة الإسراء فإذا هو ( كالحِلْس البالي ) خضوعاً وذلةً واستكانةً لخالقه
.
هذا الملَك العظيم في خِلْقته وبُنيته يخضع ويخشع
هذا الخشوع العظيم للباري ، وماذاك إلا لمعرفته لله ، لأنّ أس الأساس في تعظيم
الله ، وأصل الأصول
( هو : معرفة الله )
🌱سجود القلب : هو الإذعان التام لله الملك ، والخضوع المطلق
للإله الحق المبين . هناك حيث يعرف المرء قدره حين يتذكر أصل خلقته
" من نطفة "
وختام حياته " تحلّل في تراب "
🌱سجود القلب : يحدث حين يتأمل المرء في عظمة الله المطلقة ، في
أولية لا ابتداء لها ، وأخروية لا نهاية لها ، وإحاطة عظيمة للخلائق في برهم
وجوهم وبحرهم وفضائهم ، إحاطة في أدق تفاصيل أمورهم من أسرار وأعمال وأقوال
وخطرات ونوايا ومستقبل وماض... في تقديرات يعجز أبلغ النّاس عن وصفه ولكنّها
يسيرة في علم الله وعند قدرته .
🌱سجود القلب : في كل حال اضطرار وحاجة ، وفقر لملك قدير قادر ،
يغيّر مجرى الأمور ، ويفرّج كل همّ ، ويقضي كل حاجة ، ويجيب كل دعوة ، ويحقق كل
أمنية .
🔹لا تفكر في أمنياتك التي لم تتحقق ، ولكن استحضر
- الأن - كل فضل عليك :
( ستره ، عافيته ، حفظه لك في كل جارحة منك ،
عطاءه في كل ذرة من حياتك ) 🔹أُعدد أيام الصحة لك في حياتك ؛ لا تستطيع
. 🔹عدّد أيام فرحك ؛ لا تقدر . 🔹تكلم عن نعمة البصر والسمع فقط؛تحتاج معها لمجلدات . 🔹أيام مرضك معدودة ، ساعات حزنك محدودة ، حوائج
التي لم تتحقق تستطيع عدها ، ولكن في المقابل انظر لعطاءه لديك تجده لا حصر له
( إسلام تنجو به من النار ، علم تعبد به ربك ، صحة تمشي به لقضاء حوائجك ، أمن
في وطن يُحفظ به عرضك ومالك ) 🔹تفكّر
في صغرك وضعفك ثم هاأنت قد قويت ، تذكر يوم كنت لا تملك شيئاً منه وهاأنت قد
وسع الله عليك ، استحضر طفولتك وشبابك وكيف كانت وإلى أين وصلت الأن .
🌿هذا هو "
ربك " المنعِم عليك ، فاسجد سجود قلب
.
كتبه / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
( أملج الحوراء ) عصر يوم الأثنين الرابع والعشرين من شهر ربيع
الآخر لعام أربعين وأربع مئة وألف لهجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام .